كناين أم نشأت جميع الأجزاء

0


كناين أم نشأت كل الحلقات

كناين أم نشأت ..
(الحلقة الأولى)

كثير من الناس بحكوا عنا "دقة قديمة".. خصوصي بالمواضيع العائلية اللي بتمس بيتي و زوجي و أولادي.. و أنا بأيّد هدول الناس بكل كلمة بحكوها عنا و مبسوطة على هيك.. يا أخي من حلاة الدّقة الجديدة يعني؟

ما احنا شفنا التربية الحديثة و النظريات اللي صرعونا فيها بطريقة التعامل مع الأولاد و أساليب الحوار بين الأزواج و غيرها.. و ما شفت إشي أحسن من اللي أنتجته دقّتنا القديمة.. بالعكس؛ بعضها أسخم بمليون مرة من اللي صرنا عليه إحنا و أولادنا.

صحيح زوجي أبو نشأت ببالغ ساعات بهالموضوع؛ خاصة لما أتناقش معه بشغلة و يكتشف إنه هو اللي غلطان و أنا صح.. مستحيل يغير رأيه لو بده يفوت و يفوتنا معه بستين حيط.. بس طالما الأمور ماشية معنا أنا و اياه خليها داحلة.. و ما شاءالله ولادنا أحسن ولاد و عين الله عليهم.. شو بدي أحسن من هيك.

بعد ما طلع أبو نشأت تقاعد مبكّر و فضّل يعيش حياة ثانية غير حياة العسكرية اللي وعي عليها.. كنت أنا و اياه معمرين بيت ماشاءالله بتسرح فيه الخيّالة.. مسطّح كبير و ثلاث غرف نوم و صالة تقول ديوان، و مطبخ واسع بتحرّك فيه براحتي.. و قرارنا كان إنه راتب التقاعد تبعه بكفينا.. و مع اللي بيجينا كل سنة من زيت الزيتون تبع أرض "السُّخنة" وضعنا المادي بكون منيح.. و ما كنا حاملين هم الفلوس بالمرّة.

 بوقتها إبني الكبير نشأت كان متخرّج جديد.. الله وكيلكم طلعت عيني على ما جبته لهالولد.. الله يرحمها و يسامحها عمتي نشّفت ريقي لإني تأخرت ست شهور تا حملت فيه.. و ولا بنسى لما سمّعتني اياها بذاني و حكت لعمي أكثر من مرة و أكون أنا قاعدة: "يا خسارة اللي حطينا عليها".. عاد أقسم بالله مهري كان ليرة ذهب و مؤخري 400 دينار.

و أيامها الليرة الذهب كانت بليرتين و عشرين قرش الله لا يفضح حدا.. و المؤخر بعدني لهسّه ما شميت ريحته.. المهم تزوجنا و قعدت أول ست سنين معهم بالبيت.. كنا إحنا و دار سلفي الكبير أبو ربحي و مرته و ولاده اسم الله أربعة.. فتخيلوا إنتو كيف كان البيت و كيف كانت العيشة بهداك الوقت.. أي يخلف علي اللي لقينا وقت أنا أبو نشأت و حملت بعد ست شهور!!

المهم.. الميت ما بتجوز عليه غير الرحمة الله يرحمها و يغفرلها.. بتذكر ضلينا على هالحالة لغاية ما كان عندي نشأت.. و حاملة بالتوأم رأفت و بهجت.. (قال زوجي بده أسماء ولاده تكون بتشبه بعض، تقول لعبة).. كان عمي الله يرحمه معطينا إحنا و دار سلفي كل واحد قطعة أرض عشان نعمّر عليها.. و نصيبنا إحنا كان أرض حوالي ثلاث دونمات مشجرة كلها شجر زيتون بمنطقة بقولولها "السُّخنة".

أيامها وين كانت السخنة؟ بآخر ما عمر الله بأطراف البلد.. قبل ما تصير هاي العمارات اللي حولينا و تعمر المنطقة كلها.. مع إنه دار سلفي أخذوا قطعة أصغر بس بإسكان المهندسين.. أحسن حي بالبلد.. فقّعني يومها عمّي من العياط.. بس زوجي حكالي أرض السخنة هاي راح تصير وسط البلد و مستقبلها راح يكون أحسن بكثير.. خاصة مع المساحة اللي معها و الزيتون اللي عليها.. رجعت سكتت و وعدني إنه يراضيني بهدية غير شكل أيامها ما حدا عملها لمرته.. و رجعت  قلت أنا شو بهمني.. المهم يصير لي بيت و خلص.  

 هسه زمان كانت شغلة العمار أسهل من هالأيام بكثير.. و أنا عشان أخلص من القعدة اللي كنا قاعدينها عصرت حالي عصر.. والله المصروف بالقطارة.. هاللي بيجي من راتب أبو نشأت نصرف على قدنا و أقل.. و وين ما كان في شغلة يطلع منها قرشين نركض عليها.. وين في إشي بوفّر علينا ان شاءالله دينار نوفّر.. حتى وقت فراطة الزيتون بدل ما نجيب شغيلة و ندفع أجرة؛ كنا نطلع كلنا و نفرط بإيدينا.

و الشهادة لله عمي الله يرحمه ساعدنا كثير بشغلة بناء البيت.. لإنه زوجي كان دوامه يغيب فيه ثلاث أسابيع و ييجي إجازة خمس أيام.. و سِلفي أبو ربحي كان يشتغل محاسب ببنك ما يروح إلا لبعد العصر.. فعمّي بصراحة هو اللي شال أغلب دوشة العمار و معلمين الطوبار و العمّال.. و أحيانا كان والله يدفع من جيبته و ما يقبل زوجي يحاسبه.

الحلو و اللي مش حلو بهديك الأيام إنه لما يكونوا الرجال مش موجودين بتفضى الساحة للنسوان.. و علمكم نسوان زي حالاتنا أنا و سلفتي أم ربحي و عمتي لما نعيش مع بعض.. أي النسوان لما يكونوا بعاد عن بعض بتخلصش مشاكلهم.. شو بده يكون حالنا إحنا و إحنا بخلقة بعض ليل و نهار..و المشكلة الأكبر لما يكون في ولاد صغار و هاد بده ياكل و هاد بكسّر و هاد وسّخ.. إشي ما بنوصف.

بس الشهادة لله كان دايما يعجبني عمي الله يرحمه بهالموضوع.. صحيح كان يجور علي ساعات على حساب سلفتي.. بس بالمجمل كان حقّاني.. و كلمته ما بتصير ثنتين.. ما كان عنده لحية ممشطة بالحق بالمرة.. خاصة إنه عنده خبرة ما شاءالله كم سنة من يوم ما تزوج سلفي و سكن عندهم بالبيت.. يعني جيتي أنا عالبيت ما كانت إشي جديد بالنسبة إله.

و أصلا المشاكل خفت كثير عن أول لما خلصوا دار سلفي عمار قبلنا و سكنوا ببيتهم.. ما شاءالله أبو ربحي كان وضعه أيامها أحسن بكثير من وضعنا و خلّص عمار بيتهم بسنة وحده.. و من فرحتي يوم ما قرروا يرحلوا على بيتهم حلفت مية يمين إلا أطلع أساعد أم ربحي بتنظيف بيتها.. و هي تحلف و أنا أقول أبدا.. اليوم إن شاءالله بنظف البيت كله و بتناموا فيه.. بدي أخلَص!! و فعلا ضلينا يومها للساعة 12 نص ليل و ما طلعنا إلا و بيتها زي الفلّة.

يوم ما خلصنا إحنا تشطيب البيت كنت حاملة بالتوأم و بشهري الخامس.. اللي يشوفني يفكرني بشهري من قد ما بطني قدامي مترين.. أقسم بالله هالحرباية ما عرضت تساعدني بشغلة.. يومها رحت أنا و عمتي المسكينة اللي يا دوب سانده حالها و شطفنا و نظفنا الشبابيك و حفينا الدهان عالأرض.. و الله "أتشعبط" سنتها على السلم زي القردة و رجلي يترقّصوا عشان أمسح الغبرة و أدعي عليها.. شوف هاد الحكي من كم سنة؟ بس ولا بنسالها اياها.

قول بالأخير بالطول بالعرض خلصنا تنظيف و رحلنا.. و ما في بعدها بشهرين من سكنتي ولدت التوأم – بهجت و رأفت – سباعي الله يهدها لأم ربحي.. والله راحوا ما يروحوا مني بسببها لولا لطف الله.. و سكننا و من هناك بدأت حياتي من أول و جديد.. حياة طبيعية ربيت فيها ولادي على مزاجي بدون تدخل.. ببيتي و ما أحلاني.



كناين أم نشأت
(الحلقة الثانية)

لما طلع "عاطف" زوجي تقاعد من الجيش كان لسه علينا شوية ديون من دراسة نشأت.. و اسم الله رأفت و بهجت كانوا خلصوا ثانوية و بدهم يدخلوا جامعة.. فخلال السنوات الماضية كان اللي بيجينا من راتبه يا دوب يكفي مصروف للبيت و بالدّفِش.. بس سبحان الله كل ما تضيق من جهة كان ربنا دايما يفتحها علينا من جهة ثانية.. مرة بموسم زيت زيتون منيح.. و مرة طلع أبو نشأت مع قوات حفظ السلام ست شهور و رجع منها بمبلغ محترم.. و هيك.

بس جامعة نشأت كان مصروفها عالي و بكسر الظهر.. و على ما تخرّج كنا ننازع منازعة.. فلما شاف زوجي الأمور بتضيق أجته فكرة كانت هي الأساس اللي "شقلب" الدنيا و غير اللي تعودنا عليه.

لما شاف حارتنا صارت فعلا حية و منتعشة كثير عن أول.. و إيجارات الشقق بمنطقتنا صارت بالعالي.. قرر يبيع الأرض المشجرة و يعمر طابقين فوق بيتنا و يأجّرهم.. على أساس جزء من اللي بده يجينا من الأرض نسد فيه ديوننا.. و جزء لدراسة بهجت و رأفت.. و الباقي لعمار الطابقين.

أنا بالنسبة إلي بيتي و مستقل و ما حدا بقرقعني ليل و نهار كان وضع مثالي و ما فيه أحسن من هيك.. حاولت كثير أقنعه إنه يبيع دونم واحد من الثلاث دونمات  لسداد الديون و دراسة الأولاد، و يخلي الباقي نستند عليهم بعدين.. بس الله يهديه لما يتنّح ما بعود إشي بقنعه.. هو من الأساس شغلة الشجر و الزيتون ما كانت داخلة عقله.. و عفاريت الدنيا تركبه كل سنة لما ييجي وقت فراطة الزيتون و المعاصر.

فما صدق على الله تقاعد و شاف حاله مديون؛ قال لك بخلص من هالدوشة هاي كلها.. و فعلا اندفع لنا مبلغ محترم و بعنا سنتها الأرض اللي حولينا و تلحلحت الأمور كثير عن الأول.. أنا بصراحة لما شفته مُصِر على رأيه و ما راح يقتنع مني؛ قلت و الله لأستغل الفرصة.. حكيتله سنتها بوافق بس بشرط واحد.

أيامها كنت بدي أغير مية شغلة بالبيت.. أثاث بيتنا من سنة ما عمرنا ولا غيرت فيه إشي.. أصلا أيامها أثّثت البيت كيف ما كان و الحالة كانت عالقد.. و طول ال15 سنة تقريبا ما كان يصحلي أعمل إشي بالبيت.. حكيتله بوافق تبيع و تعمر و تعمل اللي بدك اياه، بشرط تخصصلي أنا كمان مبلغ أغير فيه كم قطعة بأثاث البيت.

والله آخر كم سنة كنت أنخزي لما ييجي عنا حدا عالبيت و يقعد بغرفة الضيوف و فرشها العربي.. أي هو ضل حدا يفرش عربي و يقعد و يمد رجليه؟ أقسم بالله كنت دايما أحط كم شرشف بالغرفة هذول مخصصات للنسوان اللي بيجوني عشان أحطلهم اياها على رجليهم.. و خواتي يزنّوا على راسي ولك غيري هالفرش و جيبي كنب و أنا أقول إن شاءالله إن شاءالله.. من وين!!!!

قلت فرصة و لاحت.. سنتها أمّا شو؟ نفضت البيت كله.. طقم كنب للضيوف.. و طقم موريس لغرفة القعدة ثقيل و خشب غير شكل.. و أخيرا بعد معاناة 15 سنة خلِصِت من كتكتة الفراش و المخدات.. و الله يا جماعة أنظف بكثير.. هالزلام بكيفوا عالعربي لإنهم بتمددوا و "بتمغّطوا" براحتهم و إحنا بنقعد نبلش بعدها.. خاصة الشباب اسم الله عليهم و ربنا ما رزقني ببنت؛ أي كانت تطلع روحي بتعزيل الفرش.

لا و جبت سنتها غسالة أوتوماتيك و أخيرا بدل الغسالة الحوضين اللي تختخت و هدّت حيلي.. عليم الله هالأوتوماتيك إنها أعز من أخت.. يا محلاها الوحدة بتغسل و بتعصر و هي بتشرب قهوة أو بتخلص شغلة ثانية بالبيت.. و جبت و جبت و ما خليت.. حتى نسيت شو اللي بده يهبّبه أبو نشأت.. خليه يعمّر و يعمل اللي بده اياه.

عاد راحت السّكرة و أجت الفَكرة.. أتاريني بحط أثاث بالبيت و أبو نشأت بكوم رمل و اسمنت برة البيت.. مروا علي سنتين تقريبا طلّع روحي العمار و نشف ريقي.. قرقعة و دوشة و عمّال و غبرة و قرف.. و كل شوي: سوّي فطور للعمال و إعملي شاي و قهوة للمعلّم.. و راح القصّير و أجى الدّهين.. و معلّم البلاط و ما بعرف مين.

و أنا حيالله أطلّع كاسات الشاي و فناجين القهوة الجديدة و فرحانة فيهم من المطبخ؛ و ترجعلي "ملطوطات" و مطبعات بإيديهم.. حكيت لأبو نشأت: "هييه عمّو.. مش كل شوي إعملي و سوي وصواني فايتة و صواني طالعة.. هاي الكفتيريا اللي جنبنا بتعمل كل إشي.. و كاسة الشاي بعشر قروش.. إتفق معه و خليه هو يصير يجيب اللي بدك إياه".. جنّنّي!!!!

المهم قول خلصنا عمار بعد ما خلصت أرواحنا.. و نشأت أفندي صار بده يتجوز.. عاد أنا قلت خليني أشم نفسي شوي بعد الميمعة اللي كنا فيها.. بس هو الحمدلله، الله وفقه و اشتغل بالبنك اللي كان يشتغل فيه سلفي أبو ربحي.. أيامها ما شاءالله صار مدير فرع و قدر يدبره معه هناك.. و راتبه ماشي حاله.

و أجى دور المعركة الثانية مع أبو نشأت.. "أبّود و سبع جدود" غير نشأت يسكن بوحدة من الشقق اللي تعمّرت.. ولك يا زلمة إذا هو ما فتح الموضوع و بقدر يسكن برّه ليش تسكنه فوقنا.. أتركه يعيش حياته براحته.. أبداً.. أنا بعمّر لمين.. و بعمل لمين.. و نزل فيي تنظير و مواعظ إلها أول و ما إلها آخر.

عاد لما نشأت شاف الشغلة جاهزة مجهزة و أبوه مصمم، ليش تا يكون عنده مانع هو الثاني.. أنا بالنسبة إلي جربتها و عارفة السكنة عند دار العم و الله ما هي منيحة.. شو ما كان، الست بدها يكون إلها إستقلالية و حياتها و شغلات بدهاش أمة محمد تعرف فيها.. و عند دار العم هاد الإشي مستحيل.. أي أنا ست سنين قعدتهم عند دار عمي اشتهيت ييجوا عندي خواتي و أقعد معهم قعدة وحدة لحالنا.. يا عمتي كانت يا أم ربحي ينطّولي بالغرفة كل شوي.

من هون لهون؛ ما في فايدة.. أبو نشأت زاد معه كم دينار.. و أنا أبوك يا نشأت غير أبدأ أدورله على عروس و بده يبدأ هو يأثث شقة نشأت.. ورجعت قبّعت معي: "هييه عمّو.. خلينا نخطبله أول، و هو و عروسته يأثثوا براحتهم.. بكرة بتيجيني وحدة و بتقعد تقول لأهلها و قرايبها  حماتي أثّثتلي و حماتي عملتلي.. مش راح يعجبها العجب.. والله لو فرشنا من أحسن شي بالسوق إلا ما يطلع إشي مش على زوقها.. لا تعمل لي مشاكل من أولها".


(الحلقة الثالثة)

عاد هون بلشت على أساس إني بدي أدور لنشأت على عروس.. أنا بصراحة كنت حاطة عيني على وحدة كنت شفتها مرة ببيت أختي أم قاسم.. أمورة و هادية و وجهها مقطّم هيك و بشرتها حنطية أو فاتحة شوي و ما أحلاها.. سألت عنها أختي و حكتلي إنها بنت جارتها و مدحت فيها و بتربايتها كثير.. بس  بالأول قلت خليني أشوف إذا هو حاط عينه على وحدة.

سألت نشأت و حكالي إنه ما في حدا معين.. بس إنه ممكن يفكر ببنت خالته أم قاسم.. و أنا والله هاي جيزة القرايب ما بحبها.. حتى لو إنها أختي و بنت أختي.. بتجيب مشاكل و وجع راس الواحد في غنى عنه.. لويت بوزي لما حكالي و تعمّدت إني أبيّن إنه الحكي ما عجبني.. و ربك حميد طلع فعلا مش إنه بده اياها.. بس هي الوحيدة اللي بعرفها و ممكن يفكر فيها.

أنا شفته مش كثير متحمس رحت شلت الفكرة من راسه عالسريع.. أنا و أم قاسم خلينا خوات و حبايب أحسن.. و عالسريع حكيتله عن "تقى" بنت جارتها لأختي.. بنت ما شاءالله عليها مخلصة جامعتها جديد بهذيك السنة و حبابة وحكياتها حلوات.. و وجهها حلو و مريح و بتدخل عالقلب أول ما تشوفها.

و الله بنفس الليلة بتذكر حكيت مع أختي أم قاسم و قلت لها تاخذ موعد مع الجماعة ثاني يوم الصبح.. و فعلا سحبت حالي و أخذت أم قاسم و رحنا شفنا الجماعة ببيتهم.. الصحيح ما بتعيّبوا.. و أمها للبنت ما شاءالله عليها بسيطة كثير و بيتها مرتّب و نظيف.. و أبوها متقاعد من الجيش زي أبو نشأت.. و طلعوا بعرفوا بعض من زمان و خادمين سوا حوالي سنتين بنفس المكان.

يعني الصحيح الله يسّرها بجيزة نشأت عالآخر و كل شي كان يا محلاه.. حتى أبو نشأت كان مش مصدق إنه ممكن نلاقي عروس بهالسرعة.. و يحكيلي (قبل ما نروح نطلبها لتقى) إنه شوفيلك عرايس ثانية مش معقول هيك من أول بنت تشوفيها تخطبيها.. بس أنا ارتحتلها لهالبنت و الصحيح دخلت قلبي.

كان بده يتنّح على هاي كمان و يخليني أدوّر.. عزّا شو بدي ألف على بيوت الناس أعمل و أنا أصلا ملاقية عروس؟ مش منطق.. والله رحنا طلبناها من أهلها و الصحيح الجماعة ما قصروا بالمرة.. طلباتهم كثير منطقية و عادية.. طلبوا سنتها ليرة ذهب مهر.. و ألف دينار ذهب و 3 آلاف متأخر.. و بصراحة كنت حاطة إيدي على قلبي إنهم ما يوافقوا على موضوع سكنة بنتهم فوق دار عمها.. بس ربكم حميد تسهّلت الأمور.

شوفوا عاد كيف تغيّرت الدنيا ببيتنا بعد ما خطب نشأت.. بالأول بدأت ألاحظ التغيير على نشأت نفسه.. الله يرضى عليه صار حنون و يا محلا لسانه.. و شو بدك يا ماما بتؤمري أمر.. بعد ما كان ينشف ريقي عشان يرفعلي سلة الغسيل أو يغير قارورة مي.. و أترجّاه هو و اخوانه حدا منهم يوقف معي مرة بالمطبخ.. صار إيدي على إيده و يبهدل اخوانه قال إذا شاف غرفهم مش مرتّبة.

و بهجت و رأفت يقضّوها تعليق عليه كل ما كان يجهز حاله عشان يروح عند خطيبته.. عزّا كان يحمم حاله بالعطر اللي جابتله اياه تقى مرة بعيد ميلاده.. الله وكيلكم كنت أفتح شبابيك البيت بس يطلع المسا و يروح عندها أيامها عشان أخفف من الريحة.. و يقعدوا اخوانه يزفّوه لغاية ما يطلع من البيت.. و أنا أقولهم تا أشوف شو بدكو تعملوا بس تخطبوا إنت و اياه.

عاد والله حجزنا موعد العرس و بدأ نشأت و خطيبته ينقّوا الأثاث و يجيبوا عالشقة تبعتهم.. حاول معي كم مرة يطلّعني معهم عشان أتفرج و ما كنت أقبل.. طلعت مرة وحدة و عجبني طقم طاولات وسط لغرفة الضيوف تبعتهم.. بس حسيت إنه ما عجب تقى و زي اللي انحرجت و ما عرفت شو تحكي.. و قعدت ساعة أشرحلها إنه أنا بس بقترح.. و من يومها ما عدت طلعت معهم.. بالنهاية بيتها و حقها تنقّي الشغلات اللي على زوقها.

بوقتها كان أبو نشأت قال حردان ليش ما وافقوا ياخذوا الشقة اللي كان بده اياها لنشأت.. لما عمل الطابقين اللي فوقنا قسّم كل طابق لشقتين.. وحدة شرقية و حدة غربية.. فاقترح على نشأت يجيب خطيبته و يخليها تنقي معه أي وحدة.. هو كان بده يعطيهم الشرقية على أساس إنه صالتها أوسع و فيها غرفتين ماستر.

تقى لما شافت الثنتين حكت إنه بدها الغربية على أساس أهوى و أبرد بالصيف.. و ململمة أكثر و أجت على مزاجها.. زعل أبو نشأت و قعد ساعتين يقنع فيها ولك يا عمي هاي أكبر و مبحبة أكثر من هذيك.. و المسكينة تحكيله "زي ما بدك عمو".. و هو لأ، مش زي ما بدي أنا.. زي ما بدك إنتِ.. و لازم تكوني مقتنعة.

بالأخير تدخّلت أنا بعد ما غرقت بعرقها المسكينة و حكيتله إذا هم بدهم الغربية إتركهم.. زعل ليش أحكي هيك.. طيب ما دام بدك تزعل ليش خيّرتهم بالأصل.. كان حكيت لنشأت خذ الشرقية من أولها و خلص!!! المصيبة إنه زوجي و أنا بعرفه.. لما يزعل من حدا والله أمة محمد ما بتغيّرله رأيه.. أخذ من تقى موقف حتى من قبل ما تتزوج.

عاد أجى يوم العرس و كان كل إشي مرتّب ولا أروع من هيك.. هي بس سلفتي أم ربحي الله يغص بالها سمّت بدني يومها قال ليش لما رحنا خطبنا لنشأت ما خبرناها.. من يوم ما خطب الولد و هي كل ما نتلاقى تسمّعني كلمة.. بالله عليكو حدا بروح يشوف عروس بحكي لكل الخلايق؟ إفرض ما صار نصيب.. أو قعدنا نلف على عشرة ولّا عشرين بيت.. مش منطق كل ما أكون بدي أروح أشوف عروس أخبّرها.

أجت عالعرس يومها بوزها شبرين و ما تحركت من كرسيها تقول ضيفة.. و كل ما أمر من جنبها بالصالة أجحرها.. أضحكلها.. أغمزها.. عزّا قاعدة زي الصنم و ما تحركت غير لما دخل زوجها و راحوا يسلموا عالعرسان.. عجبكوا بالله؟!!!!

والله خلصت الحفلة و دخلت علي يومها أول كنّة بحياتي.. تقى مرت نشأت.


مدونة صياد المستقبل

كناين أم نشأت

(الحلقة الرابعة)

أقسم بالله لو إني حاطة تقى بين عشرين عروس ما كنت توفّقت بوحدة لإبني زي ما وفقني ربنا فيها.. ما أحلاها هالبنت و ما أخف ظلها.. الصحيح معدّلة و صاحبة واجب و نظيفة و بيتها دايما زي الفلّة.. و نشأت الحمدلله مبيّن عليه مبسوط كثير.. و أنا ما بدي أكثر من هيك.

بأول أيام زواجهم كانوا كل يوم ينزلوا عنا عالبيت زي فرض الصلاة بعد المغرب.. بالأول قلت ماشي خليهم براحتهم.. بس بعدين حسيت الشغلة إنه إلزام و زي المغصوبين.. و يكون عندهم موعد أو زيارة و يتأخروا عشان يقعدوا معنا.. أخذت نشأت على جنب مرة و حكيتله: "إذا مفكر إنه لازم كل يوم تنزلوا عنا عشان ما نزعل أنا و أبوك ترى غلطان.. هاي حياتكو إنتو و إلتزاماتكو لا ترتبطوا فينا.. أنا بديش أبيّن كإني بطردك، بس كل إشي بالعقل".

و كإنه هم و إنزاح عن صدره لما حكيتله هالكلمتين.. ابتسم و انفرجت أساريره.. و أنا شفته زي هيك و بهدلته لهالمسكين.. أنا من الأول ناوية أخليهم براحتهم و ما أحسّسهم إنهم إذا  ساكنين عند أهله معناها مربوطين.. أصلا اللي شفته زمان أول ما أنا تزوجت و الله ما برضاه لإبني و لا لمرته.. و حكيتله ينسى إنه هو ساكن فوق أهله بالمرّة.

بس الشهادة لله تقى كانت بنت حلال عالآخر.. و الله من حالها كانت تنزل خاصة الصبح و أقعد أنا و اياها نشرب فنجان القهوة و نقعد نحكي و ناخذ راحتنا.. هو بس أبو نشأت كان لسه ماخذ على خاطره منها من شغلة اختيار الشقة.. بس كمان تقى كانت جدعة و شاطرة.. و الله كانت تركضله و تعمل له اللي بده اياه ساعات قبل ما يحكي.. لغاية ما خلّته يغير قناعته و فكرته عنها.

و ضلينا هيك على هالحالة أول سنة من بعد ما تزوج نشأت.. رواق و حياة عادية و طبيعية أكيد ما كانت تخلى من المشاكل.. بس إجمالا مشاكل عادية تكاد لا تذكر.. لغاية ما ولدت تقى و جابتلنا أول حفيد عالبيت.. جابت و لد و سمّوه "عاطف" على إسم أبو نشأت.. و يا فرحة زوجي لما حكوله إنهم سمّوه على إسمه.. صار ما حدا أغلى على قلبه من تقى غير إبنها.

مع العلم أول ما عرف إنها حامل بولد زعل.. عكس الناس الثانية اللي بتموت على خلفة الأولاد.. و أنا و الله بيني و بين حالي كان بدي بنت.. طول عمري و أنا أتمنى أشتري أواعي بنات و فساتين و إكسسوارات بنات.. يخرب بيتهم بالسوق بتلف و بتتفرج على أغراض البنات و الله بشهّوا.. غير أغراض الولاد.. بس ولا بعمري بيّنت هالحكي قدام نشأت و مرته.

طبعا خلال هاي الفترة صرت أنا و كِنتي مضرب مثل.. ما أحلانا ما أحلانا كل وحدة عارفة شو إلها و شو عليها تجاه الثانية.. ولا مرّة حسّيت إني حماية أو هي كنّة.. بالعكس؛ كنت آخذها معي بزياراتي و نقعد مع بعض كثير و نحكي و نشكي ساعات.. لغاية ما صارت البنت اللي ما خلّفتها.. خاصة إنها عوّدتنا أنا و أبو نشأت تنادينا ماما و بابا.. مش عمي و عمتي.

عاد مرّت الأيام و السنين على هيك.. خلصوا بهجت و رأفت جامعتهم من كلية التربية، و ربنا أكرمهم و اشتغل بهجت بديوان وزارة التربية.. و رأفت تأخر شوي تا أبوه دبّرله واسطة و عينوه مدرس.. يعني الثنين حالتهم على قدهم.. حاولوا فترة طويلة يدوروا على طلعة عالخليج بس الله ما قسم.. و لمّا شافوا فش أمل بالطلعة قرر أبوهم يزوجهم.

و نفس الهوشة اللي تهاوشناها لما حكالي بده يسكّن نشأت عنا.. و هالمرّة ثقّلت العيار شوي.. هسه أنا و تقى الله سترها معنا و مشي حالنا.. بكرة لما تصير الشغلة فيها سلفات و مجاورات بعض و فوقها دار عم شو بضمنلي شو بده يصير.. و يهديك و يرضيك يا أبو نشأت و الله لتتشقلب حياتنا إذا بتسكنهم كلهم مع بعض.. أبدا.

بيني و بين حالي حسّيت نشأت إنه مش عاجبه.. بس ما حكى ولا كلمة بالموضوع.. لإنه ما بقدر يحكي شي طول ما هو أصلا ساكن فوقنا.. بس قلبه حاسّه إنه الشغلة راح تجيب مشاكل كثير.. و أيامها فتحت أنا الموضوع مع تقى مرة و إحنا قاعدات عندها بشقتها.. و كانت متحمسة كثير للموضوع و ببالها إنه بنصير عيلة وحدة كبيرة.. يقطع هبلها هديك الأيام.

و مع هيك ضليتني معترضة عالموضوع.. على قول المثل: "مركب الضراير سار، و مركب السلفات إحتار".. أنا عارفة و الله ما بتفقوا.. و راح يوجعولي راسي.. بس لما شافني زوجي أنا اللي متنحة هاي المرة أعطاني حل حسيته منطقي و ممكن يخفف كثير مشاكل.. حكالي أدوّر على ثنتين خوات لبهجت و رأفت.

قلّبت الموضوع بمخي.. و المسكينة تقى قعدت تلعب براسي إنها فكرة منيحة و إنها راح تساعدني بالتدوير على خوات ثنتين.. قلت خليني أدوّر و أشوف شو ربنا بيسّرلنا.. و اللي فيه خير الله يقدمه.. و فورا طلب أبو نشأت من اثنين من المستأجرين يطلعوا من الشقق عشان يجهّزهم و يعمللهم صيانة و ترتيب من جديد.

عاد قعدت أفكر أنا و تقى.. و حكيت لأختي أم قاسم كمان تبدأ تدوّر معنا على عرايس بهيك مواصفات.. و يا ريتها بهذيك السنة تيسّرت قد نص جيزة نشأت و تقى.. من وين بدي أجيب جماعة عندهم ثنتين خوات و أعمارهم قريبة على بعض.. ولادي أعمارهم 26 سنة يعني بدي بنتين خوات و متخرجات جديد أو صارلهم سنة أو سنتين مخلصات.
قعدنا يمكن أكثر من ست شهور و إحنا نسأل و ندوّر.. و صرت أنا و تقى حتى نروح نحضر أعراس ناس بنعرفهم من بعيد لبعيد بلكي عثرنا على إشي.. و بدون فايدة.. سكرت عالآخر.. و فوق هاد كمان قال ولادي بطّلوا يقدروا يصبروا.. و على قولة يلّا و يلّا كإنها الوحدة بتلاقي عروس عالكبسة.

أقسم بالله صرنا مضحكة أنا و المسخمة تقى.. عزا شو بدنا نحكي للناس؟ مطلوب عرايس خوات أو توأم؟!!! يعني مرة رحنا على جماعة عندهم بنتين و حدة متخرجة إلها سنة إسمها "حنان".. و الثانية لسه ضايل عليها سنتين تا تخلّص.. و أهلهم ما عندهم مانع يخَطّبوا الكبيرة بس الثانية غير تا تخلّص جامعتها.. طيب لمين هاي و لمين هاي؟ كيف بدنا نقسّمها بالله عليكو و الاثنين اللي عندي متصربعين عالجيزة.

المهم بعد ما تأخرنا و شافنا أبو نشأت مش ملاقيات؛ رجع قال مش ضروري خوات.. إرجعوا شوفوا من البنات اللي شفتوهم قبل و خلصونا من هالقصة.. و كان لا بد مما ليس منه بد.. أخذنا بهجت أنا و تقى على دار أهلها لحنان.. عجبتني البنت.. حلوة كثير و ماشاء الله عليها.. بيضا و خدودها مليانة و إلها غمّازات.. مخلصة هندسة كمبيوتر و مبين عليها هادية و رايقة كثير.

عاد أنا بتذكر هذول الجماعة بالذات ما عجبوا تقى لما زرناهم أول مرّة.. بس لما رحنا بالمرة الثانية، حرام و الله ما حكت إشي.. بس كان مبين عليها إنه مش عاجبها.. و انا قلت بنخلّي بهجت هو اللي يقرر.. رحنا و الله شفنا الجماعة و شاف بهجت البنت و رجعنا عالبيت و قعدنا نحكي لأبو نشأت كيف الجماعة.

يومها طوّلنا بالقعدة و إحنا نحكي و طلب أبو نشأت من تقى تعمل له فنجان قهوة.. غطّت بالمطبخ و طوّلت و إحنا بنحكي.. فقمت أشوف شو صار معها.. سمعتها ماسكة التلفون و بتحكي مع أختها: "آه يختي السمر صاروا كخّة هسه.. أقسم بالله بتخزي البنت.. شو بعرفني.. مهو العالم بس تشوف البيض بتنهبل......"



(الحلقة الخامسة)

بس سمعت تقى بتحكي مع أختها هيك؛ ولا عملت إشي.. الله كب على قلبي مي باردة و سحبت حالي يومها و رجعت قعدت مع الولاد و كملنا حكي عادي.. جابت تقى القهوة لأبو نشأت و قعدت دقيقتين و سحبت حالها و طلعت على شقتها.. معرفتش أسكت.. بدها تبدأ من أولها و إحنا بعدنا لا فتّينا و لا غمّسنا؟!!!

على ما خلصنا حكي كنت طابخة الطبخة براسي و عارفة شو بدي أعمل.. بهجت قال ما عنده أي مانع و اتصل أبو نشأت بأهل حنان و أخذ منهم موعد عشان نروح نطلبها رسمي.. و زي ما أنا و لا حتى غيرت ملابسي؛ سحبت حالي و طلعت عند تقى.. شو يا ماما.. شو يا حبيبتي.. عادي، ما حكتلي إشي.

حكيتلها "إسمعي.. لقيت عروس لرأفت كمان.. إنتِ بتعرفيها منيح و كانت غايبة عن بالنا".. و صرت أحزّر فيها يمكن ربع ساعة ولا عرفت مين.. حكيتلها "أختك جنى.. وين ممكن نلاقي أحسن منها".. و هي فعلا كانت غايبة عن بالي أختها لإني كنت مركزة على موضوع خوات ثنتين لبهجت و رأفت.. بس ولا خطر على بالي إنه ليش مش خوات لنشأت و واحد من اخوانه.

صفَنت هي بالأول.. و ترددت لإنه أختها لسه ضايللها سنة تا تخلص جامعة.. حكيتلها مش مشكلة بتتزوج و بتكمل دراستها.. و قعدنا نحكي أنا و اياها يمكن أكثر من ساعة.. و كل حكينا كان عن دراسة جنى و إنه رأفت مدرس و راتبه على قدّه.. و حتى أخلص النقاش حكيتلها أنا راح أتكفل بدراسة جنى تا تخلص جامعة.

و الله ما كذبت خبر.. نزلت عالبيت و هم بعدهم قاعدين.. و حكيت لهم عن جنى لرأفت.. سبحان الله أكثر من ثمان شهور و إحنا ندور و نلف و النصيب كيف بكون ساعات قدام عين الواحد و هو مش منتبه؟ سألت رأفت عن رأيه و حكالي إنه شاف جنى مرة وحدة و بده يشوفها مرّة ثانية.. قلنا له ولا الضالين آمين.. بنحكي مع أهلها لتقى و بنروح نشوف البنت.

رحنا ثاني يوم كلنا على دار أهل حنان.. أنا و أبو نشأت و ولادي كلهم و تقى معنا.. و طلبنا حنان لبهجت.. و بلّش الحكي عن المهر و الذهب و التفاصيل الثانية.. يعني يومها بالغوا الجماعة شوي بطلباتهم.. كان بدهم ليرة مع بروازها و سنسالها، و خمسة آلاف دينار ذهب، و قدهم متأخر.. و من هون لهون و لإنه هسه بكوّن حاله و من هالحكي وافقوا الجماعة على ثلاث آلاف دينار ذهب و ثلاث مؤخر.

قرأنا الفاتحة و بلشوا الجماعة يضيفوا عصير و حلو.. أخذتني أمها لحنان على جنب و سألتني إذا لقينا عروس لرأفت كمان.. فحكيتلها والله لسه بس غالبا في وحده بدنا نروح نشوفها بكرة.. و قعدت تحكيلي عن رأفت و ما شاءالله عليه إبنك و خجول كثير و من هالحكي.. ولا خطر على بالي يومها شو قصدها وما عرفت إنه قصدها إشي أصلا.

هو فعلا الله يحميه رأفت حلو و جسمه و طوله ما شاءالله عليه.. مش لإنه إبني يعني بس اسم الله عليه مرتّب هالولد من يومه.. ففكّرت إنها بتحكي هيك عادي من دون ما تقصد إشي.. لما شافتني ما فهمت عليها لقيتها بتحكيلي: "مش كنتي قبل فترة تدوري على خوات لولادك؟ عبير أختها لحنان قربت تخلص.. إذا بدك بحكي لأبوها عن دراستها و بلكي صار نصيب.. ما أحلاهم يصيروا خوات و سلفات".

أنا بصراحة ما عجبتني الطريقة بالمرّة.. خاصة إنه أجينا عندهم قبل هيك الجماعة و هم اللي رفضوا فكرة تخطيب بنتهم قبل لا تخلّص جامعتها.. و لإني صرت حاكية لتقى عن أختها.. لفلفت الموضوع مع أم حنان و حكيتلها إنه هاد نصيب و إذا إلهم نصيب ببعض ربنا بيسّر الأمور.. خلصنا الفاتحة و روّحنا عالبيت – بدون بهجت طبعا-.. اللي لزّق زيه زي الخاطبين الجداد و عرفت ساعتها إني طيّرت من العش كمان واحد.

لمّا وصلنا عالبيت ترددت كثير إني أحكي لأبو نشأت شو صار حكي بيني و بين أم حنان.. طول الطريق و أنا أفكر، صار في خيارين قدام رأفت.. جنى أخت تقى.. أو عبير أخت حنان.. من جواتي حسيت حالي مرتاحة أكثر لموضوع جنى.. يعني من ناحية البنت بنعرف أهلها و عاشرناهم و شفنا تربايتهم ماشاءالله بتقى.. و البنت نفسها ما بتتعيب.. هذيك عبير حسيتها قوية و جريئة كثير.. و لبسها يعني بالمرّة.. ولا كإنها أخت حنان.

يا دوب قعدنا و أخذنا نفَس، لقيت أبو نشأت بحكيلي "بالمرة هاتي التلفون خلينا نحكي مع دار أبو تقى و نروح عليهم بكرة نطلب لرأفت".. قلت بيني و بين حالي منيح.. ريحني من التفكير و إنّي آخذ أنا قرار.. و حكيت و الله منا حاكييتله شو قالت أم حنان.. و استحت قال تقى يومها و أخذت عاطف إبنها و طلعت على شقتها.. ما وعيت إلا رأفت جاي علينا و بطلب منّا نأجل الموضوع شوي.

ولك ليش يا ولد.. شو في؟ قال خليني أفكر بالموضوع شوي و بردلكم خبر.. و قبل ما يحكي لأبوه أي شي.. لحقته على غرفته و سألته.. صدمني يومها لما حكالي إنه شاف عبير أخت حنان بعد قراءة الفاتحة و عجبته.. يا بيي يومها طيّر عقلي.. ما حبيتها لهاي عبير ولا دخلت مخي.. قعدت أحكيله عن جنى و تربايتها و شوف مرت أخوك كيف مدللة زوجها.. و الجمال مش كل إشي.. أبدا.

ولا اقتنع مني.. طلعت حكيت لأبو نشأت عن الموضوع.. و حكالي إذا هيك خلينا نأجل لغاية ما نعرف شو بده رأفت بالزبط.. و طلب مني ما أتدخل فيه بالمرة.. بس والله ما قدرت.. عبير كان فيها إشي ما خلاني أرتاحلها بالمرة.. رجعت حكيت مع رأفت ثاني يوم الصبح و قلتله.. ولك خلينا نروح على دار أبو تقى و شوف جنى و أقعد معها.. يمكن تغيّر رأيك يمكن تعجبك.. و قد ما أصرّيت عليه وافق.

المسا رحنا عليهم و قعد رأفت مع جنى و حكوا شوي مع بعض بس بدون ما نطلبها.. مجرد زيارة كانت.. و روحنا عالبيت و قرر رأفت أفندي إنه خلص.. بده عبير.. يومها عملت مناحة بالبيت.. رأفت بالذات أهدأ واحد باخوانه و قلبه طيب كثير.. والله غير تعَوفُه حاله عبير إذا بتزوجوا.. كنت شايفة شو ممكن يصير معه من يومها.. بس خلص أصر على رأيه و أبو نشأت سكّتني غصبن عني.. بده يصير نصيب.

عاد هات إقنع تقى إنها ما تزعل هي الثانية.. شافتني يومها قلبت الدنيا و حاولت كل جهدي و أكثر من هيك ما طلع بإيدي.. زعلت قال و "انطمزت" إنه صرنا حاكيين بموضوع جنى أختها و رحنا شفناها و قعدوا مع بعض.. ما عجبني موقفها بالمرة.. بالنهاية هاد قسمة و نصيب و الشغلة لا خياري ولا خيارها هي.


(الحلقة السادسة)

أيامها اتفقنا نخلص من حفلة خطوبة بهجت و حنان؛ و بعدين بنخطب عبير لرأفت.. فرحت حكيت لأم حنان عن الموضوع على أساس بيني و بينها بس.. و إنه إن شاء الله بس تخلص الجاهة و حفلة الخطبة بنرجع نشرب عندهم فنجان قهوة بخصوص عبير.. و فتنا بدوامة خطوبة بهجت و هات خلّصنا.. يعني الصحيح أكثر و أزنخ من طلباتهم ما كان في.

بدهم حفلة الخطبة غير بأكبر صالة أفراح.. و التسريحة و المكياج غير عند أغلى صالون.. و الفستان نشّفت ريقنا على ما لقت فستان خطبة و شراء مش إيجار.. الفستان لحاله كلّف حوالي 700 دينار.. و الثاني بهجت عامل زي الملطوش على راسه.. الله وكيلكم فصل و ما عاد يرد على حدا.. و أنا أحكيله ولك هاي خطبة، بكرة عالزواج والله لينشفوا ريقك.. ما بصير نرخي الحبل هيك عالآخر.. و عبث كنت أحاول.. إنهبل عالآخر.

كل اللي كان محوشه و الجمعية اللي كان مستلمها حطهم على حفلة خطوبته.. و أنا شايفة اللي قاعد يصير و عارفة إنه هاد الحكي كله بده يرجع يصير مع رأفت أخوه.. مهن خوات و مستحيل وحده تعمل أقل من الثانية.. فما بالك عبير.. ولا كان عاجبني إشي من اللي قاعد يصير.

و فوقها بهذيك الأيام نطت لي سلفتي أم ربحي مرة ثانية و رجعت عملت نفس العمايل سنة ما خطبنا لنشأت.. حردت الثانية قال ليش ما خبّرناهم.. والله يومها ما سكتت لها.. أجت قال عندي عالبيت و أنا حايصة و لايصة باللي أنا فيه و جاي تعاتبني ليش ما حكيتو و ليش ما خبّرتوا.. "يختي يا أم ربحي إنت صرتي مجوزة ثلاثة من ولادك و بناتك و عمرك ما خبّرتي حدا.. كنا نروح زينا زي المعازيم على حفلات خطبتهم و جيزتهم.. حتى جوزك ما كان يحكي لأخوه إنه جاي خطّابين أو بده يروح يخطب.. الله يرضى عليكي طلعيني من راسك عاد".

ما عرفتش أسكتلها يومها.. يغص بالها طول عمرها اللي بصير إلها حرام على غيرها.. ول عليها على هالطبع ولا بتبطله.. من يوم ما كنا ساكنين بدار عمي الله يرحمه و هي نفس العادة.. بدها تحط حالها وصي عالناس كيف ما كان.. تحِل عني.. و الله أيامها ما أنا شايفة الفضا من اللي أنا فيه.

و الثانية أم حنان تيّست أيامها غير بدها بهجت يشتري الذهب اللي اتفقنا عليه قبل حفلة الخطبة.. ولك يا مليحة يا عاطلة هدول 3 آلاف دينار ذهب.. غير الليرة الذهب و بروازها و السنسال اللي صار بهجت جايبهم.. أجى بهجت حكالي عن طلبها و المسكين إستحى و ما عرف يقنعها.. سحبت حالي و رحت عليها.. و ساعة و أنا أفهّم فيها خليهم يجيبوا الذهب على راحتهم و قبل العرس بكونوا كاملين.. بلبّسها اياهم بحفلة العرس.

و عالفاضي ولا كانت تقتنع.. عاد يومها أبو نشأت حل المشكلة و أعطى لبهجت الفلوس و حكاله بتجيب الذهب اللي بدهم اياه.. و هاي 100 دينار بتجيب لأمها خاتم بتقلع فيه عيونها.. طبعا كل هاد الحكي بصير و ما حدا غيري أيامها منتبه إنه هاد الحكي بده ينعاد معنا على أسخم مع رأفت.

و الله و صارت حفلة الخطبة و رحنا على الصالة.. و ماشاءالله كانت يومها حفلة مرتّبة و منظمة.. و كل شي فيها كان من أحسن ما يكون.. كل شي إلا العروس.. يهد يومها عاللي عملته بحالها.. شنّعت بحالها عالآخر الهبلة.. عزّا يومها أتطلّع عليها عالصمدة فوق و أقسم بالله شكيت تكون هي نفسها.. الحمارة أبصر كيف طلعت يومها وجهها محروق و حاطة الزفت اللي بقولوا عنه "شادو" لون ولا هو لابق على الفستان ولا على إشي.. و رافعة شعرها زي الطاووس و "معَفشَك" و حالتها حالة.. بتخزي طلعت الله يخزي اليهود.. بتخزي.

حتى أختي أم قاسم أجت علي بالصالة بتحكيلي "يختي ليش هيك عاملة بحالها خطيبة إبنك".. قلت لها أبوس إيدك أسكتي ترى هسه بصرّخ و بلم الدنيا علي، خليني ساكتة و بعدين بنحكي.. بدي أمشّي الحفلة و تمنيت يومها تخلص هالخطبة بسرعة و أخلص من هالمنظر.

هو الوحيد اللي حسيته يومها مبسوط و فرحان عالآخر تقى.. أجتها هالتخبيصة اللي عامليتها حنان بحالها على طبق ذهب.. سلفتها الجديدة بتخزي شو بدها أحسن من هيك.. و نزلت يومها ترقص و تخلع و الله لو العروس أختها ما بتعمل هيك.. و تضحك و تكهكه و طاحونة العقل تبعتها مبينة من بُعد عشرة كيلو.. و كل شوي تيجيني: "بدك مساعدة بإشي ماما؟".. و أنا أقول لها لأ حبيبتي.. انبسطي انبسطي إنت و ما عليكي مني..

يلا عاشتلها ساعتين إنبساط و ببلاش.. شو بدها أحسن من هيك.

ما صدقت على الله يومها تخلص الحفلة و أروح عالبيت.. عزّا بدي أفضفض.. بدي أبعبع.. حكيت لأم قاسم تيجي تروح معنا عالبيت و بخلي رأفت يوصّلها بعدين.. قالت ماشي.. نطت الدبة سلفتي قال بدنا نيجي عندكم عالبيت نكمل الحفلة.. إلي خاطر يومها أعضّها من خشومها.. أنا عارفيتها فرحانة من قلبها الثانية و ما كان ناقصني إلا أم ربحي.. رجعت اعتذرت من أم قاسم و حكيتلها بحكي معك عالتلفون بعدين.

و الله كان إلي خاطر أعيّط يومها.. بالموت مسكت حالي لغاية ما انقلعت أم ربحي و روحت هي وبناتها.. و ركضت على رأفت.. إلك دين و إلي دين ما بتوخذ عبير.. الثانية طول الحفلة تتنطط و ترقص حولي و أنا لا طايقيتها ولا طايقة القردة أختها اللي كانت مصمودة فوق.. كان إلي خاطر أبطحها بنص الصالة و أرفش ببطنها.

بس شو بدها تحكي الوحدة.. كل اللي حكيته و اللي شرحته لرأفت و أبوه يومها ولا غيّر قناعتهم.. و بالنسبة إلهم هاي سوالف نسوان و ما في إشي من اللي حكيته بعيب عبير أو أهلها.. أكلت هوا و سكتت شوي.. بس حسيت حالي ما فرّغت اللي جواي.. قلت مليش غير تقى هذيك راح تفش غلّي و تفهم علي.. و قعدنا أنا و تقى يومها بيجي ساعتين قد ساعتين الحفلة و إحنا نحكي.. أنا أردح من جهة و هي تكمل معي من جهة.

يمكن يا دوب مر أسبوع من حفلة بهجت و رحنا نطلب الست عبير لرأفت.. و قلت عشان أخلص من أم ربحي بدي أكحّل عينها هالمرة و ناخذ دار سلفي معنا.. هالمرة الشغلة لا فيها حكي كثير و لا مفاصلة.. اتفقوا الرجال نفس سياق حنان يكون لعبير.. ليرة ذهبية و ب3 آلاف دينار ذهب و خمس آلاف متأخر.. و الأكيد الأكيد؛ كان إنها تكمّل دراستها.

"مدونة صياد المستقبل"

كناين أم نشأت 
(الحلقة السابعة)

أحلى إشي و إحنا بنطلب عبير لرأفت قال أم حنان توصف و تتغزل بحنان بنتها و كيف طلعت بتجنن يوم حفلة الخطبة.. أنا بيني و بين حالي هي توصف؛ و أنا أتذكر حالي لما كنت أتوحّم بنشأت.. استغفر الله العظيم رحت مرتين ما أراجع و هي تحكي عن مكياجها و تسريحتها.. و أنا أتذكر منظرها و بدي أحكيلها مشان الله.. ولِك أسكتي يا مخلوقة.

و هذيك أم ربحي قاعدة جنبي المصيبة.. و تتطلّع علي بطرف عيونها و تضحك من جوّاها أنا عارفة.. أجتها هالشغلة من الله.. و أنا بديش أحكي إشي مهي كنتي بدها تصير.. والله سبّيت على بهجت يومها تا فلست.. و أقول بيني و بين حالي الله يستر من عبير الثانية هسه شو بدها تعمل فينا.

بأيامها كان وضع رأفت بختلف كثير عن بهجت.. يعني رأفت مدرّس و راتبه على قده.. و عبير لسه قدامها سنتين تا تخلّص جامعة.. و على طلباتهم اللي بدها تيجينا هسه زي زخ المطر ولا كنت عارفة كيف بدها تتدبّر الأمور.. بس أبو نشأت بضل يحكي دايما "شغلتين ربنا بيسّرهم من غامض علمه.. الزواج و العمار".. قلت إن شاءالله ربنا ييسر الأمور و نزوّج رأفت و أرتاح من هالقصة.

بهجت بعد ما خلصت ميمعة الخطبة لقى حاله مصفّي عالآخر و ما معه.. قاتفق مع خطيبته و دار عمه إنهم يعملوا حفلة العرس بعد ما يزبّط أموره و تتيسّر معه الأحوال.. بس اللي ما كان حاسبها صح مزبوط هو زوجي أبو نشأت.. بالأول حساباته كانت تمشي أمورها عاللي بيجي من الزيت كل سنة و إيجارات الشقق و راتبه التقاعدي.

هسه انتبه لحاله إنه لا ضل إلنا شجر زيتون ولا إيجارات شقق بعد ما طلّع مستأجرين عشان يفضّي الشقق لولادنا.. و رأفت يا دوب معه كم ألف بطلعوه من الخطبة هو الثاني.. عاد جاب الولاد و قعدهم و شرحلهم وضعه بالزبط.. فبهجت قال إنه هو متفق يأجل عرسه تا تمشي الأمور و ما بده إشي.

و نشأت الله يرضى عليه يومها قال إنه يا إما بطلع من الشقة و بستأجر بره لحاله؛ أو إنه هاللي كان بده يدفعه إيجار برّه بساعد فيه رأفت على زواجه.. فاتفق الكل إنه يضل و يساعد أخوه باللي بقدر عليه.. و سبحان مغيّر الأحوال، بعد ما كنت أنا معترضة على سكنة نشأت فوقنا  أول ما تجوز يومها أنا اللي أصريت إنه يضل و يساعد أخوه.. بعد هالسنوات حسيت حالي بقدرش يبعد عني لا هو ولا تقى و عاطف الصغير.

هيك تخيلت يمر يوم بدون ما أشوفها و نقعد مع بعض و ألعّب عاطف إبنها ما ركبت معي.. و أبو نشأت كمان انبسط كثير لما اتفقنا كلنا على هيك.. عاد صفّت المشكلة الكبيرة بدراسة عبير.. هاي لحالها كان بدها كل فصل حوالي ألف دينار.. و من باب إنها صارت بنتنا و إحنا أولى فيها اتفقوا أبو نشأت و أبو حنان نتقاسم مصاريف دراسة عبير بالنص.

أجينا على حفلة الخطبة تبعت عبير و رأفت.. و نفس الفلم تبع بهجت و حنان رجع انعاد معنا.. لا طلب زاد و لا طلب نقص.. اللهم قال عشان حنان ملهاش عشر أيام عاملة حفلتها بهذيك الصالة راحت نقت صالة ثانية أرخص يمكن بمية دينار.. و بيني و بينكم اللي أكل أول كف حامي بحسش بالكف الثاني.. كل همي كان ما تعملش عبير اللي عملته أختها.. بديش فضايح ثانية.. هاي بتحملهاش.

قلت بحكي مع رأفت و بخليه هو يفهمها إنه هو بحبش المكياج الثقيل و بحب الرايق.. والله مش بدي أتدخل بس كمان بديش أتفاجأ بغوريلا ثانية تنطلي على الصمدة يوم الحفلة.. بكفي فرحة تقى بأول سلفة.. قلت بلاش تنهبل من الفرحة إذا الثانية كمان بتكمّلها معها.. عاد ربكم حميد و صارت حفلة عبير و طلعت حلوة الصحيح.. مكياج رايق و ماشاءالله طلعت بتجنن و وجهها صافي و ما أحلاه.

الحلو قال لما روحنا من الحفلة يومها أجت تقى بدها تعيد نفس اللي عملناه يوم حفلة حنان.. عاد أنا و الله ندمانة كيف قعدت معها هداك اليوم و قعدنا نحكي عن حنان.. بالنهاية هدول سلفات و بدهم يعيشوا مع بعض عمُر بطوله.. ما تجاوبت معها و حسّستها إنه بديش أحكي و إنه الحفلة و العروس كانت حلوة و كل شي تمام.

المشكلة بخطبة الاخوان بخوات إنه صار مواعيد زياراتهم لدار عمهم تتعارض.. دارهم صغيرة و يا دوب غرفة الضيوف عالقد كانت.. و الله كانوا يفقعونا ضحك بهجت و رأفت لما يتهاوشوا مين اللي عليه الدور يروح اليوم عند خطيبته.. و أصلا أبوهم لحنان و عبير كان مانع إنهم يطلعوا بره البيت.. كان يحكيلهم اللي بده يشوف خطيبته ييجي عالبيت أهلا و سهلا.

المهم المساكين كانت فترة خطوبتهم مش هي الفترة اللي المفروض ينبسطوا فيها و يعيشوا أيام حلوة زي الناس الثانية.. بالذات رأفت.. نص الأيام اللي يكون الدور إله تروح لأخوه بهجت بسبب إمتحانات عبير.. و المسكين يطير عقله.. و ضلّوا على هاي الحالة يمكن أقل من سنة.. لغاية ما فقعت معهم الاثنين و قرروا إنه بدهم يتزوجوا.

بهجت كانت أموره ماشية نوعا ما خاصة بعد ما أخذ سلفة من شغله كان بمشّي حاله فيها.. هو رأفت اللي أكلها مزبوط و ما كان معه.. كان عارف أبوه ما معه أيامها يقدر يساعده.. و اللي كان بعطيه اياه نشأت يا دوب كان يكفي حصة رأفت من تدريس عبير.. بس تضايق كثير لما قرر بهجت إنه يتجوز.

حكيت و الله لأساعده أنا.. أصلا أنا كنت ناوية أساعد بتدريس جنى لما كنا ناويين نخطبها لرأفت.. و قلت عندي شوية ذهب بطّلت ألبسه من زمان و مش بحاجته.. ببيعه و بجوّز فيهم الولاد.. و لا إني أشوف رأفت بالحالة اللي صار فيها.. و الله الله يعين الشباب هالأيام كيف عيشتهم و حالتهم.

عاد ربنا الله أبو نشأت يومها عز عليه كيف بدي أبيع الذهب اللي عندي.. رفض بالأول و طلب من بهجت و رأفت يأخروا الموضوع شوي بلكي ربنا ييسّر الحال شوي.. بس يومها أنا اللي أصريت و عن طيب خاطر.. ولو، أولادي هدول.. شو بدي بالذهب ولا غيره إذا كان في إشي منه بسعدهم.. و لما شافني مصرة على رأيي حكى لهم ماشي بس بشرط.

بتعملوا حفلة عرس وحدة.. بنفس اليوم و نفس القاعة.. معازيمنا و معازيمهم نفس الناس.. بنعمل حفلة عرس وحدة و بخلص الموضوع.. غير هيك مافي عرس هسه.


" كناين أم نشأت "

(الحلقة الثامنة)

و الله ما كذبوا خبر الاثنين.. بنفس الدقيقة كل واحد منهم شال تلفونه و فات على غرفة يحكي لخطيبته عن العرس المشترك.. يا دوب دخل بهجت دقيقتين و طلع مبسوط و وجهه مفتّح و بضحك.. هداك رأفت اللي غاب أكثر من نص ساعة و طلع قالب خلقته.. ولك شو في يا رأفت؟

قال الست عبير بدهاش و حاكييتله ملهاش دخل بحنان أختها إذا موافقة أو لأ.. أنا من الأول كنت عارفة هالفصعونة مش راح تجيبها البر ولا راح تريّح حدا.. بس طول الأيام الماضية و أنا أطنش و أعمل حالي مش منتبهة.. ولا شغلة زي الهدايا اللي كان يجيبها رأفت إلها فوق طاقته و بطلبها هي كانت تأكّد لي يوم عن يوم إنها دايرة على خراب عشها.

المشكلة هات إحكي و فهّم رأفت إنه يا ماما هالحكي ما بصير.. ولازم الواحد يعيش على قد لحافه و هاي عشرة عمر مش يوم و يومين.. أبصر شو بصير بالشباب لما يخطبوا.. يختي تقول غسيل دماغ!!! المهم حكيت لرأفت ولا يهمك، أنا بحكي معها و بدبّرلك اياها.. قلت بيني و بين حالي هاي فرصتي.. بدي أشوف هالبنت شارية و بدها تنستر أولأ.

سحبت حالي و رحت عندهم عالبيت لحالي.. و قعدت مع عبير و أمها.. فهّمتهم يومها إنه الشغلة مش توفير فلوس و لا بخل منا.. بس الصراحة مش منطق نعمل عرس لواحد منهم و بعدها بكم يوم نرجع نجيب الناس و المعازيم نفسهم مرة ثانية.. ملهاش طعمة بالمرة و الحفلة راح تكون باردة.. نفس اللي صار بحفلة خطوبة عبير و رأفت.

يومها و الله الناس ما كان إلها أسبوع شايفة بعض و أجت تبارك و تفرحلنا.. و الصبايا لسه كانت معضّلة من الرقص اللي رقصته قبل كم يوم.. و هاي المرة قاعدين نحكي عن عرس و إنه لازم يكون حلو و الناس مبسوطة و من هالحكي.. و وعدتهم نعمل حفلة عرس غير شكل و كإنه كل وحدة عرسها لحالها.. و بدل الساعتين بالصّالة بنحجز أربع ساعات.. يمكن أكثر من نص ساعة و أنا أحكي و أبرم بلساني.

صارت عبير تتحجّج إنه هاي حفلة عرسها و بدها تلبس فستان عرس زي باقي البنات و تاخذ راحتها بالمكياج و الشعر و الرقص و غيره.. و في حال عملنا عرس مشترك راح تضطر تلبس على راسها لإنه بهجت راح يكون مصمود مع حنان جنبها هي و رأفت.. هون سكّتتني و ما قدرت أرد عليها.. حقها بصراحة.

رجعت عالبيت و حكيتلهم هيك هيك صار.. و ما في غير نعمل لكل واحد حفلة لحاله.. و الله بعيننا على التكاليف و غيره.. صار أبو نشأت بده يعترض و أنا حكيت يا عرس مشترك يا لأ.. و المسكين رأفت صار وجهه أحمر و انضغط و حالته صارت حالة.. حكيتله: "هييه عمّو.. بدناش نوقّف بوجه الولد و نعقّدها عليه بزيادة.. ذهبي و أنا حرّة فيه بدي أبيعه و أنا اللي بدي أزوّج رأفت".

قول بالآخر اقتنع.. و المنطق كان إنه بهجت يكون عرسه بالأول.. بس لإنه ترتيبات العرس بدها شغل و ركض أكثر حكينا لرأفت يكون عرسه بعد أخوه بشهر على الأقل.. منها بنكون معنا وقت نرتب و عبير كمان ترتّب حالها للحفلة.. و بالمرة بتكون خلصت إمتحاناتها لسنتها الثالثة بالجامعة وبلاها فصل الصيفي بهديك السنة.

عاد بتسمعوا بالمثل اللي بحكي "زي أم العروس"؟!! أنا كنت أم العروس.. مش العريس.. العرس كان بعد شهر من هاد الحكي و هات لحق جهز الشقة و أثث البيت و نطبع كرت العرس و نوزّع الدعوة على معارفنا.. و حنان الثانية قال مش ملحقة تجهّز جهاز البدن تبعها.. بعمركم سمعتو عن حماية بتطلع مع خطيبة إبنها عشان تشتري جهازها؟

بس قال عبير عندها امتحانات و مش فاضية تطلع مع أختها.. و أمها ست كبيرة و بتقدرش تلف و تمشي بالسوق.. عاد اتصلت فيي و حكتلي آجي معها.. بس والله شفتها مش لايقة بالمرة.. شو بدهم يحكوا عنّي الناس؟ الله يعينها هالعروس كيف حماتها طالعة معها حتى بالجهاز؟ حكيت لتقى ولك يا تقى إطلعي معها إنتِ.. إنتو صبايا و بتفهموا على بعض أحسن مني.

عاد يومها أخَذِت عاطف إبنها عنها و طلعت هي مع حنان عالسوق.. و مشت الأمور لغاية يوم العرس الحمدلله.. و أخيرا، صرت بدي أزوجه و أخلص.. هلكت أيامها و الله ما ضل فيي حيل زي زمان.. طلعنا عالصّالة و وصلنا قبل العرسان ما يوصلوا.. على أساس نشأت و تقى هم اللي بدهم ياخذوا بهجت بسيارتهم و يجيبوا حنان من الصالون و ييجوا عالصّالة.

مش إنّي أنتبه أو أتذكر شو عملت حنان بحالها يوم الخطبة.. و متى تذكرت؟ و إحنا واقفين قدام الصالة.. رنيت على تقى: "ولك يا تقى.. أخذتوا العروس من الصالون؟ قالت آه هينا بالسيارة و جايين عالطريق.. حكيتلها بس قولي آه أو لأ: عملت بحالها زي يوم الخطبة؟؟؟.. سكتت سكتت سكتت.. ولّا بتحكيلي: تركتهم فوق التلفزيون".

أنا حكتلي هيك و بطّل براسي عقل.. عرفت إنها معجبة على حالها و تقى ما عرفت تحكي قدامها.. يعني شو أعمل فيها هاي البني آدمة؟؟!!! أقسم بالله بتجنن، و وجهها بياخذ العقل بس حمارة.. حمارة عالآخر.. عزّا معقول في صبية بتعرفش شو اللي بناسبها و اللي ما بناسبها؟ و الحقيرات تبعات الصالون و الله المفروض ينصحوا هاد بصير و هاد ما بصير.

عاد يومها تغيّر لوني بس سكّرت الخط و صفرنت و أنا واقفة مع أبو نشأت و أمها لحنان على مدخل الصّالة.. أقسم بالله رحت ما أوقع من طولي.. شو بدي أعمل يعني.. دخلت سألت بالصّالة إذا عندهم وحدة تبعت مكياج أو شغلة.. حكولي ما في.. سلّمت أمري لله و قلت بيني و بين حالي كيف ما تطلع تطلع.. أنا العروس ولا هي؟ هسه بتبيّن حجم الكارثة من ضحكة تقى لما أشوفها.

ما في عشر قايق و وصلوا العرسان و نزلت تقى من السيارة.. أما شو ضحكتها!! "من النّيع للنّيع".. و شدوقها بدهم يتفككوا: "مبروك ماما.. مبروك بابا.. الله يهنّيهم و يسعدهم يا رب.. لولولولولولولولولولولولييييييش".. و سلخت هديك الزغرودة من زغارد ختياريّات زمان.. قلت بعقلي لا بالله شكلها العروس طالعة من حديقة حيوان مش صالون.




(الحلقة التاسعة)

و الله يومها شرّفوا العرسان و نزلت تقى بالأول من سيارة الزّفة و عملت حفلة لحالها.. و على ما خلصت تبويس فيي و ضحك و صهونة؛ كانت أم حنان مطلعة بنتها من السيارة.. عاد يومها كانت حاطّة "البُرنُس" (غطاء رأس) على راسها و مغطية نص وجهها.. مش مبيّن غير ثمها.. أقسم بالله لما شفت ثمها تذكّرت زكية زكريا المصري تبع الكاميرا الخفيّة لما كان يتنكر على شكل وحده ست.. يهِد يومِك يا بعيدة.

سمّت بدني الله يسم بدن اليهود عاللي كانت عامليته بحالها.. لسّه يوم الخطبة طلعت كاينة مش عاملة إشي.. طول الحفلة و أنا أتطلّع عليها شوي و أشيل وجهي عنها.. و كل شوي أقعد على كرسي و أعيّط و أبكي.. و الناس تفكّرني ببكي على بهجت قال إنه بده يتجوّز.. و انا أعيط من قهري.. ولك شو مالك يا أم نشأت؟ مهو بده يسكن فوقك يا مسخّمة.. و أنا أقولهم ولكو  أتركوني بشحاري.

لأ و قال بدهم اياني أطلع معهم عالصمدة وقت تلبيس الذهب.. و الله ما قدرت أوقف على رجليّ.. حكيت لأختي أم قاسم توقف معه و تناوله الذهب.. هو يمكن الوحيدات اللي كانوا عارفات شومالني أم قاسم، و الجنّيّة تقى.. كل شوي تيجي علي و تقول لي معلش ماما.. اللي صار صار.. عصّبتني يومها و حكيتلها أنا مش أمك!!! أنا مش أم حدا!!! حلّي عني!!! يقطع البنات و هبل البنات.. تقول حدا بزغزغ فيها من جوّا.

خلص العرس و مشي الحال كيف ما كان.. و أجتني أم ربحي بدها ترجع تعمل فيي نفس العملة و تروّح معنا عالبيت.. حكيتلها الله يسهّل عليكي روحي على بيتك.. لا بدي أعمل حفلة ولا أتشحّر.. هو هاد اللي ناقصني كان يومها.

يمكن قعدت أربع أيام بعد عرس بهجت تا صحيت من الصدمة اللي صارت.. و أجو علينا بهجت و عروسته قال بدهم نتفرّج معهم على فيديو العرس.. عزّاااا شو بده يسكتني هسّه إذا برجع أشوف المنظر؟ والله حَملت على حالي و قلت مشّيها يا مرة و خليهم مبسوطين.. يومها مر أول نص ساعة من الحفلة و أنا كل شوي أشيل عيني عن التلفزيون.. و كل شوي قال يركّزوا الصورة على وجه حنان بالمونتاج و يقربوا الصورة على عيونها و مرّة على ثمها و مرة على حواجبها.. أنداري!!!

و حنان: "شو رأيك خالتو؟ حلو كان مكياجي يومها صح؟ فنانة هاي تبعت الصّالون".. و أنا أرد عليها و أحكيلها: "مممم..ممممممممم" ولكو مش قادرة أحكي!!!!!!

هدينا شوي و روقنا و بدينا عالسريع نجهّز لعرس رأفت.. يعني التعب و الركض كان أخف بكثير من عرس بهجت.. كونه المعازيم نفسهم و أيام ما كنا نجهز لبهجت كان رأفت كمان يجهّز شوي شوي بشقته.. عاد فعلا طلعت و بعت كان عندي سنسال ثقيل كثير و ثلاث سحبات و أسوارة.. و الله جابوا مبلغ منيح.. و خليت عندي كم قطعة قلت ببيعهم بعد الصيف عشان سنة الدراسة اللي ضلت على عبير.

سنتها أبو نشأت كان ينازع منازعة بالفلوس.. مع إنه ما تكلّف إشي بعرس بهجت.. بس إلا ما يكون في شوية مصاريف من هون و هون خلّصوا على آخر كم دينار ضايلات معنا.. رجعت حكيتله إنه إحنا لسه بأولها و خلينا نتعكّز على الأولاد شوي.. ما فيها إشي.. إيجارات الشقق والله كانوا يسندوا كثير.. بس ما قبِل.. فحكيت لنشأت من يومها يصير يساعد أبوه بالمبلغ اللي كان يدفعه لرأفت.. و أنا بتكفّل بدراسة مرت أخوه.. أبوه أولى بصراحة.

وين عرس بهجت و وين عرس رأفت!!! فرق كبير بين الاثنين.. يعني مع إنها عبير واقفة بزوري و بعدها مش نازلة بس ربنا الله فنانة هالبنت.. ما شاءالله عليها طلعت بتجنن و يا محلاها.. و عرسهم ماشاءالله كان كثير حلو و مرتب.. يوم عرسهم الصحيح فشّيت غلّي من اللي شفته بعرس بهجت.. دبكِت يومها و رقصت و أنط و أزغرد والله ما خلّيت.

بعدني بتذكر بعد عرسهم قعدت يمكن ثلاث أيام بالفراش من خواصري و ظهري قد ما كانوا يوجعوني.. بس الحمدلله المهم زوجتهم و فرحت فيهم و صار لكل واحد بيت و عيلة و مسؤولية.. و الله فرحتي بهديك السنة كانت ما بتنوصف.. حلو بعد كل هالسنين الوحدة تشوف ولادها كبروا و صار عندهم مسؤوليات و بيوت.

عاد مرت الأيام و كانت الأمور ماشية من أحلى ما يكون.. رجعت عبير لجامعتها و كنت أقعد أنا و تقى و حنان مع بعض بعد ما يطلعوا زواجهم عالشغل.. و أبو نشأت بالغالب كان يحب يجتمع مع أبو تقى بعد ما توطدت علاقتهم من سنة ما تزوج نشأت.. فغالبا كان يفطر الصبح و يطلع يلتقي هو و اياه.. و أيام لما يكون بدي أغراض للبيت يطلع عالسوق و ما يرجع إلا لبعد الظهر.

كنت أنبسط كثير من العلاقة الحلوة اللي صارت بين تقى و حنان.. بحكم سنهم قريب شوي على بعض و الثّنتين فاضيات و ما وراهم إشي.. حتى حنان قررت تعلّم تقى عالكمبيوتر و صارت تعطيها دروس و شغلات.. كنت بالأول أقعد معهم بس حسيت حالي مش قادرة أتعلم و أفهم كل إشي.. فصرت أخليهم لحالهم أريحلهم.

و عالظهر كل وحدة فيهم تطلع تجهّز الغدا لجوزها و أنا أبلش بالبيت عندي و أجهّز للغدا أنا الثانية.. و كان رأفت أولها ييجي دايما يتغدى معنا أنا و أبوه لإنه مرته بتروح متأخرة من الجامعة و بدي اياها تخلص هالسنة كيف ما كان.. أولها ما كان رأفت يقبل يتغدّى على أساس يستنى مرته و يتغدوا مع بعض.. صرت أطبخ و أشيل لهم حصتهم يتغدّوا عليها بس تروح عبير.

بس بعد كم أسبوع حكالي إنه راح يصير يتغدى معنا و ما أشيل حصة لعبير.. قال لإنها بتتغدى بالجامعة كل يوم و بتروّح شبعانة.. يومها والله ما عجبني الحكي.. يعني جوزها حالته على قده و يا دوب قادر يدبّر مصروفها.. و الفلوس تبعات الذهب اللي أعطيته اياها كمان يا دوب على قد الأقساط.. شو إلها داعي الأكل من بره  و المصاريف الزايدة.

أكلتها و سكتت.. قلت بديش أزيد هم فوق همّه.. ما دام هو ساكت و مش حاكي والله منا حاكية إشي.. لا و فوق كل هاد قال كل يوم جمعة لازم تروح تتغدّى عند أهلها.. عليم الله مطبخها أول كم شهر ما فاتته ولا بتعرف شو فيه.. بمرة طلعنا أنا و أبو نشأت عندهم بدنا نشرب عندهم فنجان قهوة المسا؛ يمكن بعد شهر من عرسهم.. أقسم بالله فتحت طقم فناجين القهوة يومها لأول مرة.

و مرة برمضان كانوا على أساس الكل بده يتفطر عنا.. و انلحقت يومها بالوقت و صرت أراكض و حالتي حالة بالمطبخ.. و تقى و حنان معي.. و الخانم عبير قال أجتني قبل الأذان بخمس دقايق بتقول لي: بدك مساعدة خالتو؟!!!! يومها كنت قاعدة بحمّر باللوز اللي بدي أرشه على الرز.. ومن غلّي بدي أتناولها بالمقلاية.. قلت لها: "آه.. أذني للمغرب".




(الحلقة العاشرة)

المهم.. بعدها بشهر و شوي عملت غدا و أبو نشأت حكى للأولاد يتغدوا كلهم عنا.. ولا بنسى هداك اليوم.. و إحنا قاعدين عالغدا فرّحونا يومها بهجت و حنان بخبر حَمِل حنان.. و سبحان الله الصدفة كيف، كانت تقى الثانية "متأخرة عليها" و شاكّة إنها حامل.. يا دوب كمّلنا الغدا و راح نشأت جاب فحص حمل.. و طلعت تقى الثانية حامل.

اسم الله عاطف إبنها كان كبير و طلعت المسكينة بتحاول صارلها فترة و الحمدلله ربنا أكرمها و رجعت حملت.. عاد والله فرحنا يومها بهالخبرين فرحة غير شكل.. و قاعدين و مبسوطين و ما أحلانا.. دخلت عالمطبخ يومها بدي أتناول شغلة ولّا هي عبير بتحكي لأختها حنان:
"يعني مش تتركك تفرحي و يفرحوا فيكي دار عمي.. نطت هسه و صارت حامل".. فتت عالمطبخ و حكيتلها: عمتي،، إتركي الناس مبسوطة و انبسطي زيهم.. و إذا مش عارفة؛ ضبي لسانك عن الناس و خليكي بحالك.

و هاد يوم و هداك يوم.. تقول هالغدا اللي تغديناه يومها كان زي إعلان حرب.. انجنت عبير قال ليش أحكيلها ضبّي لسانك.. و راحت تشكيني لرأفت الثاني اللي أجى يراجعني.. من كل عقله.. حكيتله ولا بدي أسمع منك كلمة وحدة.. نسوان إخوانك ما في أحلى منهم مع بعض.. مرتك دايرة بدها تخرب بينهم.. روح إسألها ليش حكيتلها هيك و بعدين تعال.

والله من يومها حتى علاقة حنان و تقى ببعض تغيّرت.. بعد ما كانوا ما أحلاهم تقول بعرفوا بعض من سنين.. حتى خلال الكم شهر بعد زواج حنان؛ تقى عرفتها على صاحباتها و صاروا يقعدوا و يجتمعوا و عين الله عليهم.. بس يظهر هالحالة ما عجبت عبير و دارت ورا أختها تا قلبتها على سلفتها.. حتى تقى حسّت و أجت حكتلي إنه حنان متغيرة بدون سبب.

صرت أحكيلها يمكن الوحام متعّبها و الوحدة بتتغير معه و من هالحكي.. بس أنا عارفة إنه هديك الفصعونة الصغيرة مش قليلة.. و حنان بعرفها هبلة و بتسمع منها حتى لو إنها أختها اللي أصغر منها.. فحكيت لتقى إنت شاطرة اسم الله عليكي و بتعرفي كيف تتفهّميها لحنان و ترجعوا زي أوّل.. و معها معها بكرة بتخلّص وحام و الأمور بترجع زي ما كانت.

بس عالفاضي.. ضلّت عبير تحشي براس أختها تا عبّته على تقى.. و ضلت الأمور هيك لغاية ما انفجرت تقى يوم حفلة مباركة أختها جنى بالتخرّج.. كنا يومها عند دار أهلها لتقى.. كانوا عاملين حفلة بالبيت و رايحين كلنا نبارك لهم.. بالحفلة والله ما انتبهت على إشي.. يعني قاعدة بأمان الله و بتفرج على الصبايا برقصوا و مبسوطات و بوزعوا كنافة و عصير و عادي.

بس حسيت تقى مش مزبوطة يومها.. بعرفها لما تنخنق أو ما يعجبها إشي ببيّن على وجهها.. حكيتلها و إحنا بالحفلة ولك يا تقى وجهك مش مزبوط.. قالت لي فش شي ماما بس معدتي قالبة و حاسة حالي بدي أراجع.. ما أخذت بالموضوع و قلت يمكن الحمل مأثّر عليها و الضغط اسم الله كان بيتهم مليان ناس عالآخر.

روحنا عالبيت أنا و أبو نشأت ولا هي تقى بتتهاوش مع حنان ببيت الدرج و أصواتهم طالعة للسما.. ركضت بدي أشوف شو في ولا هو أبو نشأت بصرخ و إحنا لسه تحت: "ولك إنتِ و اياها شو هاظ!!!! بديش أسمع صوت و كل وحده على بيتها!!!" سكتوا الثنتين و دخلوا.

عاد هات صبّرني تا أعرف شو في.. مقدرتش.. حكيت لأبو نشأت ولك خليني أطلع أشوف شو في، ما قبِل.. و أنا أتحرقص بدي أعرف.. ما إنتو بتعرفوا إحنا النسوان و فضولنا صرت بدي أموت.. قلت والله الليلة ما بيجيني نوم إذا ما بعرف شومالهن.. أول مرة تقى و حنان بتخانقوا هيك و قدام جيزانهم كمان.

رفعت التلفون و حكيت مع نشأت سألته، حكالي ولا إشي.. بكرة بحكيلك.. حاولت حاولت ولا حكى.. رنيت على بهجت ما جاوب عالتلفون.. يا بيي يومها ولا أجاني نوم.. ما صدقت على الله يطلع الصبح و يروحوا على أشغالهم و طلعت أركض لفوق على شقة تقى.. فتحتلي الباب و فتت زي المجنونة: "شو مالك مبارح إنت و حنان؟؟؟؟!!!!!".

طلعت هالحيوانة عبير حاكية لحنان إنه إحنا كاينين بدنا نخطب جنى أخت تقى لرأفت.. و إنه تقى قال هي اللي كاينة تزبط الموضوع.. و عبير منجنّة من يوم ما عرفت بهالقصة.. و رأفت أفندي هو اللي كاين حاكي لعبير.. فلمّا انعزمنا على حفلة تخرج جنى كانت عبير بدهاش تروح و رأفت غاصب عليها تروح على أساس إنه هاي قصة قديمة و مرق عليها أكثر من سنة.

عاد كيف يغصب عليها رأفت؟ رايحة شاكية لحنان و معبية راسها و شاحنيتها عالآخر.. و هديك الثانية زي الهبلة كاينة طول الحفلة تسمّع حكي لتقى إنه شو جاب لجاب و من هالحكي.. و تقى كاينة بدها تمشّي حفلة أختها كيف ما كان و التقوا على درج العمارة بس روّحوا و صار اللي صار.

ما علّقت بالمرة.. يعني ما كنت شايفة في حق على تقى سوى إنها ما كان لازم يرفعوا أصواتهم بالعمارة و الدنيا ليل.. يمكن روّحنا يومها عالعشرة عشرة و نص.. حكيتلها والله يا ماما المفروض حكيتيلي أو حكيتي بينك و بينها.. مش ترفعوا أصواتكم على بعض و قدّام جيزانكم و تحطّي حالك بهيك موقف.

عاد أنا بيني و بين حالي كان إلي خاطر أروح أرفش ببطنها لعبير.. بس كل الحق كنت شايفيته بصراحة على رأفت.. يعني لمتى بده يضل تاركها لمرته بتفتن و بتفسد بين الكل مش عارفة.. رجعت نزلت على بيتي لقيت أبو نشأت بستنّى بده يعرف هو الثاني شو اللي صاير مبارح بالليل.. حكيتله هيك هيك القصة.. ما علّق هو الثاني.. كل اللي حكاه: "أنا هذا الحكي كله ولا بشيله من أرضه.. بس ولادك اللي مش عاجبينّي بالمرة".

لما نبّهني أبو نشأت، فعلا صرت ألاحظ إنه حتى ولادي مش زي أول مع بعض.. ما كان يصير بينهم خناق أو زعل.. بس انتبهت مثلا إنه صارلي زمان ما شفتهم قاعدين مع بعض زي أول أو مجتمعين.. كل واحد بحاله و ما بجتمعوا إلا إذا أنا و أبوهم جمعناهم.. و هاي الحالة ما عجبتني لا أنا و لا أبو نشأت.

اللي قدرت عليه إني صرت أستغل فرصة لما يقعد واحد منهم معي و أصير أحكيله إنه لازم تضل علاقتكم ببعض منيحة و ترجعوا زي أول.. و كنت أقترح عليهم إنه حتى لو إنكم جيران و اخوان؛ لازم تصيروا تتزاوروا بين فترة و الثانية.. و المشاكل اللي بين النسوان ما بصير تأثّر عليهم كإخوان و من الهالحكي.

الوحيد اللي حسيته فعلا بسمع مني هو نشأت.. بس للأسف ما كان يعمل أي شي.. ولما شافني أبو نشأت بزن على راسهم و ما في إشي تغيّر؛ قرر هو يتدخل!!!


(الحلقة الحادية عشر)

طبعا الحالة اللي وصلوها الولاد ما كانت تسر.. بعد ما كانوا من أحلى الاخوان اللي بنضرب فيهم المثل قديش بحبوا بعض و بخافوا على بعض.. بالذات بهجت و رأفت لإنهم توأم كانوا أصحاب فوق ما هم اخوان.. و المفروض هدول الاثنين بالذات كانت علاقتهم ما تتأثر لإنهم ماخذين خوات.

بس بهجت من يوم يومه انطوائي و ما بحب التعقيد و الشلبكة و وجع الراس.. و تحليلي أنا إنه شاف مرت رأفت مش من النوعية اللي بتحب الهدوء و الأمور الطبيعية.. فتأثرت علاقته بأخوه كثير.. و مع كل محاولاتي و إنه مافي شي تغيّر؛ أجى أبو نشأت اتصل بولاده و طلب منهم ينزلوا عنا عالبيت.. لحالهم بدون نسوانهم:

"شو مالكو إنت و اياه و اياه.. أنا لا هيك ربّيتكم و لا هيك علّمتكم.. مش شوية نسوان بتقعد تلعب فيكم و بتخلي اخوان يبعدوا عن بعض.. ترى مشاكل النسوان ما بتخلص.. إذا مفكرين إنه بكرة بتصالحوا و بترجعوا إنتو زي ما كنتو بتكونوا غلطانين.. بكرة إذا واحد فيكم قال آخ يا وجع؛ ترى ما حدا بوقف معه غير أخوه.. و أنا مش دايملكم.. إذا مش عارفين شو تعملوا أنا بحكيلكم: من هذا الأسبوع و كل يوم جمعة بتتفقوا على ساعة معينة بتطلعوا فيها لحالكو.. بدون نسوان و أولاد، و بدوني أنا و أمكم.. بتقعدوا ان شاءالله بتتصفّنوا ببعض و ما تحكوا.. و أنا عارف إنه فيكو خير لبعض.. بس شكلكم بدكو حدا يذكّركم".

والله فعلا.. هاد يوم و هداك يوم.. صار نشأت كل يوم جمعة عالتسعة بالليل ياخذ اخوانه و يطلعوا.. مرة على قهوة مرة ياخذوا معهم منقل و فحم و يطلعوا يشووا و أحيانا تنزل عندي تقى و إبنها و يجتمعوا بشقة نشأت.. عن جد رجعوا بعد جَمعتين ثلاثة يا محلاهم.. كانت بالأول الدبّة عبير مش عاجبها.. و حاول رأفت يعتذر مرّة.. بس نشأت كان ماخذ الموضوع جد و حكالهم هاي الجمعات ممنوع حدا يغيب عنها حتى لو بنازع.

عاد مرت الأيام و مشيت الأمور عادية.. و اسم الله عليهم تقى و حنان بطونهم تكبر و أيام الحمل تمر.. لغاية ما قربت تخلص هديك السنة.. و أجى يوم مناقشة عبير لمشروع تخرجها.. و رتّبنا حالنا على أساس نروح كلنا نحضر مناقشتها.. بالنسبة إلنا كانت زي الرحلة.. هالجامعات يا محلاها من برة دايما كان نفسي أفوتها و أقعد فيها.. عاملة زي الحدائق.

ليلتها كان مبين على تقى إنه موعد ولادتها قرّب كثير.. اتصلت علي بالليل و طلعت لعندها كانت بدت تحس بوجع.. بس لسه مش وجع ولادة.. غليتلها قرفة و قعدت معها شوي و نزلت.. و ثاني يوم جهزنا حالنا و رحنا عالجامعة.. والله تقول بنتي اللي بدها تتخرج ما هو هيك.. يعلم الله قديش كنت فرحانة يومها و أخيرا بدها تخلّص دراستها.

دخّلونا على قاعة المناقشة و قعدنا إحنا ورا بآخر صف كراسي.. ما عدا أبو نشأت نظره على قدّه و قال بده يقعد قدام عشان يشوف.. والله منا عارفة شو بده يشوف.. المهم قعدت و تقى على يميني و حنان على يساري جنبها أمها و أبوها.. و الله يا دوب بدأت عبير تشرح على الشاشة و بلّشوا تقى و حنان: أخ.. أي.. أممم.. أبيييي.. وحدة ترد على الثانية.

شو يا عمتي؟ والله شكلي خلص.. و هات عبير تخلص شرح.. هي خلقة بتحب الحكي الكثير.. و دكاترتها نازلين فيها أسئلة هاي كيف و هاي من وين.. و شوي شوي أصوات تقى و حنان تعلى بزيادة و الناس صارت تحس علينا.. حكيت لأم حنان وك خلينا نطلّعهم برة القاعة و نقعد بمكان تا تخلص عبير.

بعدني بسند تقى بإيدي ولا هي حنان و بأعلى صوتها "يا بييييييييي!!!!".. أما يومها وجهي أحمر أحمر قد ما استحيت.. ناديت على بهجت ولك تعال ساعدني خلينا نطلّع مرتك من هون.. نطت عبير قال "خليكو خليكو قرّبت أخلّص".. ولك تخلص روحك يا بعيدة!!! ضحّكت علينا القاعة كلها هداك اليوم.. و مش تسكت الهبلة؛ رجعت سألت أختها: حنان بتقدريش تصبري شوي؟!!!

المسكينة حنان من وجعها فقعت معها عالآخر بس سمعت عبير بتحكيلها أصبري: "ولك راح أموت يا حيوانة.. بدي مستشفى اااااااااااا".. أما يومها فلم هندي كان.. طلعناهم من القاعة و ركض بهجت و أبوه يجيبوا السيارات عشان نروح عالمستشفى.. و اتصلت بنشأت يومها ما أجى معنا و حكيتله يلحقنا هناك.

سبحان الله يومها الثنتين أطلقوا مع بعض و بالموت تا وصلنا عالمستشفى.. دخلوهم لغرفة الولادة الثنتين و قعدنا نستنى برة.. هداك اليوم عاللي صار فينا؛ ولا بنسى لمّا أجت عبير و أبوها كيف منظرها.. أقسم بالله نسّتني كل القلق و الخوف لما شفتها جاية من أول الممر و  ذابحة حالها من العياط و الكحلة معبية وجهها و حاملة بوكيه ورد.

قال أجت علي: "شفتي خالتو شو صار فيي؟ خرّبو علي يوم مناقشتي.. المفروض اليوم هاد إلي أنا أنبسط و أعمل حفلة".. يعني شو أعمل فيها هاي البني آدمة؟ صرت أتمسخر عليها.. حكيتلها: "شفت شفت والله يا خالتو.. و أنا الثانية خربوا علي.. كنت حاسبة حسابي نقعد بالجامعة تحت شجرة و نجيب شاي و قهوة و أكل.. الله يسامحهن سلفاتك على هالعملة".. شو بدي أحكيلها يعني!!!!

الحمدلله يومها تقى و حنان الثنتين جابوا بنات و أخيرا.. طول عمري كنت أتمنى أخلف بنت و الله ما كتبلي.. و يومها ربنا عوّضني ببنتين  زي القمر من أولادي.. يالله فعلا زي  ما بقولوا، ما أعز من الولد إلّا ولد الولد.

بتصدقوا كل المحاولات و الحكي اللي كنت أحكيه مع حنان بين فترة و الثانية و قديش هي تغيّرت من ناحية تقى ما كان يأثر فيها قد ما تغيرت بعد ما خلّفت.. من لما تزوجت أو حتى قبل كنت شايفة فيها طيبة قلب من جوا.. و عارفة إنها منيحة و ما في منها.. أول عن آخر أنا أم و ست، يعني بهجت مبين عليه مبسوط و مرتاح و متهنّي.. و هاد الحكي مش من فراغ.

هي الله يهديها و يصلحها عبير ما كانت عاتقيتها.. و عيب حنان إنها بتسمع كثير لأختها.. بس سبحان الله بعد ما ولدت زي اللي كنّت و راقت كثير و رجعت حنان الرّاكزة الهادية.. فاللي تغير بهديك السنة هي حنان بالدرجة الأولى، و عبير اللي خلّصت جامعة و فضيت لبيتها و زوجها.. و للكل.


(الحلقة الثانية عشر)

يعني أنا كنت متوقعة تتغير كثير حياة رأفت بالذات عن الأول بعد ما تخرّجت مرته.. بس اللي صار فعلا مش هيك.. تقول زي اللي متزوجين جديد و بعدهم بتعرّفوا على بعض.. أو رجعوا يتعرفوا على بعض.. عبير تعوّدت على حياة عادية ما كانت تفرق كثير عن حياتها و هي بنت.. لا شغل بيت و لا طبخ و لا حتى زيارات أو علاقات إجتماعية.. سنتين و هي متزوجة و رأفت الله يسامحه الثاني تاركها على راحتها.

فلما تخرجت و المفروض تستوعب إنها صار عندها بيت و مسؤوليات زي اللي انصدمت.. و هات فهمها إنه هاد الحكي بصيرش.. و رأفت صار أيامها ييجي و يشكيلي من إهمالها و إنها مش نظيفة بالبيت و ما بتعمل إشي.. وحدة من الشغلات البسيطة اللي كان يحكيلي اياها رأفت إنه على مستوى طبيخ ما كان في.. يروح من مدرسته يلاقيها لسه نايمة أو دوبها صاحية.. و أسهل من قولة وصّي على غدا من بره ما عندها.

بالأول لمته هو إنه هو اللي عودها على هيك.. و إني كنت شايفة هالحكي بس أنا ماخذة على حالي عهد ما أتدخل بحدا من ولادي.. و هسه لما تعودت على هيك صار لازم يرجع يعوّدها و يحكي معها شو اللي بده اياه منها.. شو إلها و شو عليها.. و مع الوقت إن شاءالله بتتغير.

و فعلا حاول معها كثير و قليل بس بدون فايدة.. لدرجة وصلت فيه إنه كان يتمنى يعزم أصحابه يوم على سهرة أو غدا أو عشا؛ بس ينخزي منها و من عمايلها.. عاد أجى طلب مني أحكي معها و أفهمها.. بس والله استثقلتها.. يعني لما تيجي مني أنا بتضل ثقيلة و أكيد وحدة زي عبير ما راح تتقبلها.

والله رحت على حنان و حكيتلها إنه هيك هيك رأفت و عبير.. بلكي تحكي مع أختها و توعّيها على مسؤولياتها و كيف تصير تهتم أكثر ببيتها و زوجها.. بس فاجأتني يومها حنان بموقفها إنه هيك عبير من يومها و إنه رأفت هو المفروض يتعود.. أنا قلت بعقلي يتعود على شو؟ على البلادة و الخمخمة؟ أنا خلقة بموت من الوساخة و العفشكة.

يعني جنّيتي بصراحة أفوت على بيت و أحسه مش نظيف.. أي كنت أفوت على بيتها عليم الله عشاش العنكبوت معبية زوايا الغرف و عند السقف.. و ما أعرفش أسكت.. أحكيلها يا عبير بصيرش هيك، إذا عندكو ناس وشافوا اللي بالزوايا هاي مش حلوة بحقك.. بتصدقوا شو ترد علي: "أصلا إحنا ما بيجينا ناس كثير.. بس إنتو و دار أهلي".  
     
يعني وحدة زي هاي شو بده يرد عليها الواحد.. رجع رأفت يشكيلي حكيتله هاي مرتك عندك إعمل اللي بدك اياه.. شو أعمل لها يعني!!! آخر محاولة عملتها كانت بمرة أمها عندها و تعمدت أطلع عليها و أقعد معهم.. و صرت أحكي لعبير قدام أمها إنه خليني أجيبلك "أم عبادة" ست كبيرة على باب الله بجيبها دايما و بتساعدني بشغل البيت.. و برضو ما قبلت.

أثبتتلي يومها مقولة "البطن بستان".. هاي حنان أختها من نفس الأم و نفس البيت و التربية، و مع هيك ماشاءالله عليها بيتها بجنّن و إستقبالها و ضيافتها والله بترفع الراس.. قلت خليها عبير تا تخرب على حالها و أشوف ساعتها شو بدها تعمل.

أجى بيوم رأفت عزمنا إحنا و أخوانه على الغدا بالبيت.. طبعا يومها وصّى على أكل جاهز كالعادة و جاب ما شاءالله منسف و معه كل اللوازم.. حتى الصحون و المعالق جابها بلاستيك عشان الست عبير ما تتغلّب.. عاد هو عارف إنه أبوه بطير عقله من البلاستيك ولا بحبهم.. غلط رأفت يومها و نسي يجيب كاسات كمان معه؛ و انجنّت مرته كيف نسي يجيب كاسات بلاستيك معه.

و إلّا هسه ينزل يشتري كاسات.. صار يحكيلها ولك خلص هاتي كاسات قزاز من المطبخ.. صار الأكل محطوط عالطاولة.. و مع طلب أبو نشأت منها تجيب معلقة معها لإنه بحبش هاي المعالق؛ لفّت وجهها و راحت عالمطبخ و هي "تُرطُن و تبَرطِم" حكي مش مفهوم.. قام وقف أبو نشأت و ما حكى ولا كلمة غير "عَمَار إن شاءالله يابا".. و سحب حاله و نزل عالبيت ما أكل ولا لقمة.

حاول معه رأفت و حكاله خلّيك هسه بجيب اللي بدك اياه بس ما قبل.. عاد سحبت حالي يومها أنا الثانية و لحقته على بيتنا.. و ضلوا نشأت و بهجت و نسوانهم.. يا دوب دخلنا أنا و زوجي عالبيت ولا صوت صراخ رأفت طالع.. كنت بدي أرجع أطلع عندهم مرة ثانية.. بس أبو نشأت ما خلّاني.

ما في بعدها بخمس دقايق ولا تقى نازلة لعندي و بتحكيلي رأفت رمى اليمين على مرته.. طلّقها.. والله طلعت أركض زي المجنونة على الدرج لشقة رأفت و ما ردّيت على أبو نشأت و هو بحكيلي إرجعي.. لقيت بهجت و نشأت مروحين و ما في غير رأفت بلم بالرز اللي معبّي الأرض.. و عبير بغرفتها بتضب بشنطتها.

بعدني بدي أفوت على الغرفة، قال صارت تصيّح: "كله منّك إنتِ و عمي!!! إنتو اللي قوّيتوا عينه علي و خربتوا بيتي!!!!".. أجى رأفت بده يصرّخ عليها، مسكته و سحبته معي لبرّه و حكيتله ما تحكي معها ولا كلمة.. إتركها تروح خلص.

رنيت على بهجت بدي أحكيله يوصّل عبير لعند أهلها و يرجع مرة ثانية.. و سمعت صوت صراخه هو الثاني بتهاوش مع حنان.. رحت ركضت عليهم.. طلعوا بتخانقوا قال ليش حنان سبّت على رأفت.. حكيتله هسه وقتك إنت الثاني.. خلص روح خذ رأفت من شقته و إنزلوا عند أبوكم إنتو الثنين.

تقول عين و صابتنا يومها.. كل شي تكركب فجأة و رأفت كاين مجمع و مجمع لغاية ما انفجر بهداك اليوم.. عاد خلّيت نشأت و تقى يروحوا يوصلوا عبير لعند أهلها.. و رجعت على بيتي بدي أشوف جوز المعصبين اللي نزّلتهم لتحت.



(الحلقة الثالثة عشر)

بعد ما طلّق رأفت مرته و نزل هو و بهجت لعند أبوهم.. رحت أشوفهم و مش عارفة شو أعمل أو شو أحكي.. بس بصراحة ما كنت بدي اياها لعبير.. هاي البنت كنت عارفة ما راح ييجي منها خير بالمرّة.. حاولت بيني و بين حالي أزعل عاللي صار بس أقسم بالله تقول هم و انزاح عن صدري.

دخلت عالبيت لقيت أبو نشأت بعاتب برأفت قال ليش يطلّقها.. طار عقلي بس سمعته بحكيله لازم تطوّل بالك أكثر من هيك.. حكيتله بتستاهل هاي مش بنت تنضب ببيت و بدها السّترة.. لسه والله ما كمّلت جملتي، عصّب علي و صار يبهدل و يصرّخ و حالته حالة.. لأول مرة كانت أبو نشأت بصيح علي بهاي الطريقة من لمّا تقاعد.

سكّتني و ما خلاني أحكي كلمة.. و أنا من جوّا دمي فاير و بغلي قاعدة.. خلّص حكي مع رأفت و بلّش ببهجت إنه ما يخلّي اللي بصير مع رأفت يأثّر عليه كمان و على بيته.. و بهاي آه كان بصراحة معه حق.. طلب منه يطلع على شقته و يهدّي مرته و يحكيلها ما بصير غير كل خير.. و طلب من رأفت كمان يطلع على بيته و يهدأ شوي.. لغاية ما نشوف حل.

لسه رأفت بسكر بباب البيت و صار بده يكمّل معي أنا.. حكيتله هاي عبير هيك و هيك.. لا بتشتغل ببيتها ولا دايرة بالها على زوجها و طول نهارها يا نايمة يا على تلفونها.. قعد يحكيلي هاي صغيرة و مش فاهمة قلتله شو صغّرها!! صارلها سنتين متجوزة و ما كانت تتعدّل و تتغير.

المهم قعدنا بيجي ساعة و إحنا نحكي و ننتناقش.. و أبو نشأت مصمم إنه نرجّعها لرأفت اليوم قبل بكرة.. حكيتله أنا والله ما إلي دخل.. هاي إبنك عندك إطلع عليه و إحكي معه.. طلع لعند رأفت و غاب يمكن أكثر من ساعتين، بالآخر نزل بحكيلي بدهوش اياها.. أنا قلت يا فرج الله.

عاد راح يومين من بعدها ما حدا فينا حرّك إشي.. أبو نشأت قال لرأفت يفكّر منيح و يعطي لحاله فرصة يهدأ شوي و يقرر شو بده يعمل.. خلال هاليومين لا إحنا حكينا مع أهلها و لا هم حكوا.. و حنان سكّرت على حالها هي الثانية و ما طلعت من شقتها ولا مرة.

بعدها رجع رأفت و قال خلص بدهوش يرجّعها و ما عاد طايقها.. و أنا طول هاي الفترة ما كان شاغلني موضوع عبير أكثر ما كان موضوع حنان اللي مأرّقني.. بالآخر هاي أختها و أكيد بتعز عليها شو صار فيها.. لما شفتها ما طلّت و لا بيّنت قلت خليني أطلع عندها و أحكي معها شوي بلكي قدرت أطيّب خاطرها.

طبعا إستقبالها ما كان بالوجه اللي تعودت عليه من حنان.. بس قلت حقها تزعل و أنا كمان المفروض أتحمّل.. صرت أحكيلها إنه المفروض إنتِ ما تتأثّر حياتك بحياة غيرك حتى لو أختك.. و إنه إنتِ ما شاءالله عليكي مرتاحة و مبسوطة مع جوزك و بنتك و ما بصير تضلك رابطة حالك بعبير.. و بالنهاية هاي قسمة و نصيب و هم ما إلهم نصيب ببعض.. و من هالحكي.

صارت تبكي و دموعها تشُر على خدها و حالتها حالة.. فحكتلي إنه هي فعلا مبسوطة و مرتاحة.. بس لأول مرة بتندم إنها كانت هي و أختها سلفات.. ولا كان ممكن تزعل على أختها بس مش لدرجة إنه تحس حالها هي كمان انجرحت من طلاق أختها.. أقسم بالله حسيت الدمعة يومها بدها تنط من عيوني.

حكيتلها لأ يا خالتي.. إنت كرامتك محفوظة و مصيونة.. و اللي برميكي بكلمة برميه بحجار.. و إذا كان بهجت زعّلك يوم من الأيام حكيتلها تيجي و تقول لي و شوفي شو بدي أعملّك فيه.. و الله يومها طيّبت خاطرها بكلمتين و هديت شوي.. و سألتني شو بده يصير هسه، جاوبتها إنه رأفت اليوم أو بكرة راح يروح يثبت الطلاق بالمحكمة و خلص.. و إن شاءالله ربنا ببعث لكل واحد فيهم نصيب أحسن.

و فعلا هاد اللي صار.. رأفت بعث ورقتها لعبير و انطوت صفحتها من حياته بالمرة.. حتى بعدها بفترة بعد ما شفته تغيّر و صار يقعد بشقته لحاله فترات أطول سألته إذا كان بفكّر يرجّعها.. بس يومها كان رأفت مطلّعها من راسه بالمرّة.

المشكلة إنه أسلم حل لرأفت إنه يتجوّز و ينسد هالفراغ اللي عايشه.. بس بصراحة لما حسبتها بالعقل قلت هسه أي وحدة بتجوّزها رأفت يمكن تنظلم.. لسه جرحه هو الثاني طري و بديش أظلم بنات الناس معي.. إخوانه كانوا يقنعوا فيه إنه خلينا ندوّرلك على عروس بس حتى هو كمان كان شايل الفكرة من راسه بالمرّة.

أصلا بهديك الأيام كان لا وضعه، ولا حتى وضعنا إحنا، بسمح إنه يرجع يعمل عرس و يتكلف من أول و جديد.. يا دوب قدرنا ندبّر حالنا بال3 آلاف دينار مؤخر عبير من هون و هون.

بس الحلو إنه كانت جمعات الولاد مستمرة على مواعيدها كل يوم جمعة.. و كنت أنا صرت أنشغل كثير ببنات نشأت و بهجت الله يحميهم.. و كانت الدنيا رجعت هديت و الأمور ماشية على تساهيل رب العالمين.

لغاية ما قرر أبو نشأت إنه يرجع يفضّي شقة رأفت و يأجّرها على أساس تساعد بالدخل و تدفش المصروف شوي.. حسيت رأفت انخنق و ما عجبته الفكرة.. كان بده يضل قاعد بشقته لحاله لغاية ما يقرر إنه يرجع يتزوج مرة ثانية.. أجى هو حكالي هيك على أساس أقنع أبوه.. بس أبو نشأت كان مصمم لإنه الحال ما كان ماشي معه المرة.




(الحلقة الرابعة عشر)

أحسن حل لقيته لمشكلة شقة رأفت إنه رأفت يصير يدفع إيجار لأبوه كونه مصروفه و هو عزّابي مش هالمصروف الكبير.. و منها بساعد أبوه بالمصاريف.. والله اقتنع.. و أبوه كمان اقتنع.. مع إنه رأفت عارف إذا بدفع إيجار ما راح يضل معه إشي يوفره للزواج.. بس يا هيك يا هيك.. فش حل ثاني.

طبعا هاد الحل كان وسط بين طلب أبو نشأت و بين رغبة رأفت.. بس اللي شافه مش منطق بالمرة هم نشأت و بهجت.. صاروا يقنعوا فيه إنه مش منطق يضيع فلوسه على إيجار شقة هو مش بحاجتها.. و إنه بالأول و بالأخير بده يتجوز.. رجعوا أقنعوه إنه يا إما بترك أبوهم يأجّر الشقة و يرجع يسكن معنا؛ يا إما بحسم أمره و بقرر إنه يتجوز بسرعة و هم يصيروا يساعدوا أبوهم بالمصروف.

عاد بفترتها وضعه لبهجت تحسن بعد ما صار نائب رئيس الديوان بالوزارة و صار بقدر يساعد.. فلما شاف رأفت ميّال كثير إنه يرجع يتجوّز حكى لأبوه إنه بده يصير يدفع إيجار شقته هو.. و نشأت قال الفلوس اللي كنت أدفعها على دراسة عبير برجع أعطيها لرأفت تا يوقف على رجليه.

يالله يومها شو انبسطت لما شفتهم هيك.. أحلى إشي لما الأم تشوف ولادها هيك متكاتفين و واقفين جنب بعض و بساعدوا بعض.. حتى لما أبو نشأت شافهم هيك حكالهم و أنا مستعد أبيع حصتي من بيت أهلي لأخوي أبو ربحي.. أصلا البيت قديم و إيجاره مش محرز لما ينقسم بينه و بين أخوه.

و قال اللي بيجيه من بيعة حصته ببيت أهله هدول لزواج رأفت.. و الله تمنيت يومها لو كان لسه عنا قطعة الأرض اللي مزروعة زيتون.. ما بعرف شو جابها على بالي وقتها.. يمكن كانت الفلوس اللي تيجينا من الزيت كانوا بغطوا إشي من هاي المصاريف اللي قاعدين بتقاسموها أبو نشأت و ولادي.

و شو تمنيت يومها لو إنه لسه في عندي كم قطعة ذهب أساعدهم انا كمان فيها.. يا حوينة اللي انباعوا قبل.. راحوا مع عبير و دراستها.. و الله يومها عضيت أصابعي ندم على الذهبات.. بس رجعت قلت الحمدلله.

هات دوّر على عروس لرأفت مرة ثانية.. عاد أنا ما صدقت على الله و أخلص من هالقصة و اللفلفة على عرايس.. و الله أكلت الهم من قبل ما أبدأ.. قلت ما ليش غير مستشاراتي العزيزات اللي ما عندي غيرهم.. تقى و أختي أم قاسم.. أم ربحي سلفتي بحياتي ما اعتبرتها وحدة من اللي ممكن ينصحوا و بدهم الخير إلي.

حكيت مع أم قاسم بالأول و خبّرتها تشوف إذا كان في حواليها عرايس.. بساعتها ما كان في حدا ببالها و حكتلي إنها راح ترد لي خبر.. و طلعت أحكي لتقى إنه بدنا نرجع ندوّر على عرايس مرة ثانية.. حنان كان صعب علي أحكيلها تتدخل بهيك موضوع بحكم إنها أخت عبير و هيك.. فما حبيت أدخّلها بهاد الموضوع.

هون زي اللي بدأ منحنى جديد بحياتنا بقصة زواج رأفت الثاني.. الشغلة ما كانت سهلة بالمرّة، و الموقف اللي كنا حاسبينه إنه إحنا أمورنا تمام مع بعض و ما في مشاكل بين حدا و الثاني تغير.. و تغير و لأول مرة بطريقة سيئة كثير.. اللي صار إنه بعد تدوير و لف على بيوت الناس و شوفة عرايس قد اللي شفتهم بحياتي؛ ما توفقنا بوحدة.. الكل كان يرفض و لسببين: الأول إنه رأفت مدرس و حالته على قدّه.. و رواتب المعلمين



(الحلقة الخامسة عشر)

استخليت بتقى مرة عندها بشقتها و قلتلها بدي أحكي بموضوع.. و الظاهر إنه نشأت كاين حاكيلها شو صار بيني و بينه.. عالسريع ولا حتى خلتني أحكي كلمة: "ماما والله إنك عزيزة علي.. و رأفت والله زي أخوي.. بس قصة إنه تخطبوله جنى أختي لأ.. مش حلوة بحقها بالمرة.. و أنا بديش أعيد تجربة حنان و عبير.. أنا و أختي حبايب و خلونا هيك ما أحلانا".

يمكن يومها بيجي ساعة و أنا أحكي أنا و اياها و أشرحلها عن القسمة و النصيب و يمكن تكون هالجنى من نصيبه لرأفت.. أبدا.. عزّا تنّحت بطريقة أول مرة بشوفها هيك.. و صارت تلف و تدور على نفس هالكلمتين.. هي كل مشكلتها كانت إنه يوم ما حكينا إنه بدنا نروح نخطب أختها بعد خطبة بهجت راحت تسرّعت و حكت لأمها و جنى عن الموضوع.. فكيف هسه بدنا نرجع نخطبها و كإنه للمرة الثانية؟!!

بالنسبة إلي؛ هاد كان غلطها هي مش غلطنا.. و حكيها ما خرط مشطي بالمرة.. حكيتلها بالآخر عالعموم هاد لا قراري ولا قرارك إنتِ.. أنا راح أحكي لرأفت و آخذ رأيه.. و إذا وافق بنروح نخطبها و ساعتها أختك حرة تقرر إذا آه أو لأ.

فحكيت لرأفت عن الموضوع.. و بدون ما حتى يفكر قال آه.. و أبو نشأت حتى تشجع كثير يومها للفكرة و قال خير البر عاجله.. حكى مع أبو تقى و قال له بدنا نيجي نشرب عندكم فنجان قهوة.. والله و بنفس اليوم رحنا و طلبنا جنى.

طبعا أبوها لتقى قال بصير خير.. على أساس ياخذ رأي البنت و يردلنا خبر.. إحنا فكرنا إنه ثاني يوم يتصلوا.. يعني إحنا بنعرف بعض منيح و الجماعة بيننا و بينهم نسب قديم و الرجال بإعتبار أصحاب صارلهم كم سنة.. فالموضوع بدهوش سؤال و وقت طويل.

بس الغريب إنه راح أول يوم و ثاني يوم و ما اتصلوا.. فطلب مني أبو نشأت أشوف تقى و أسألها عن أهلها.. طلعت قعدت معها مرة ثانية ولّا هي بتحكيلي إنه أهلها ما عندهم مانع بس "الظاهر" إنه جنى اللي ما بدها.. رجعت سألتها عن السبب، رجعت عادتلي نفس الحكي.. ففهمت إنه تقى هي اللي عركست الموضوع.

زعلت منها كثير أيامها.. و حكيتلها إنتِ حرة.. بس هيك إنتِ خربتي على أختك مش على رأفت.. رأفت آخرتي ألاقيله عروس.. بس من هون و طالع ما عاد تطلعي تدوري على عرايس و أنا بدبّر حالي.

يا الله شو انقهرت منها.. مش بس لإنه جنى منيحة و لابقة لرأفت.. بس فعلا أنا من زمان كنت بدي اياها لإبني و هو اللي أصر إنه ياخذ عبير.. يعني الموضوع بالنسبة إلي ما كان بده كل هالحساسية، و كإنه إحنا مسّينا كرامتها لأختها.

من قهري رجعت حكيت مع أختي أم قاسم و فهّمتها إنه تشد حيلها شوي معي و تستعجل بالتدوير.. و أجت بالصدفة بنفس اليوم أو بعدها بيوم سلفتي أم ربحي و خبّرتها هي الثانية تشوفلي عروس لإني مش ملاقية.

طبعا حنان من يوم ما صار طلاق أختها ما عادت زي أول.. زي اللي انعزلت و خفت خلطتها معنا إحنا بالذات و بطّلت تنزل لعنا زي زمان غير بعزيمة أو أنا أطلع لعندها.. حاولت كثير و قليل معها بس عالفاضي.. حسيتها حتى زي اللي كشّت أكثر لما عرفت إننا قاعدين ندوّر على عرايس.. و سبحان الله رجعت علاقتها قويت مع تقى لما حكتلها تقى إنها هي اللي رفضت زواج رأفت من جنى.

عاد مر كم يوم ولّا هي أم ربحي بترن علي بتحكيلي عن عروس جهتهم.. بنت مخلصة علاج فيزيائي و بتشتغل بمركز إعادة تأهيل، و مدحت فيها سلفتي كثير.. قلت لها خذيلنا موعد و خليني أروح أنا و إنتِ نشوفها.

أحلى إشي يومها حكيت لرأفت هيك هيك مرت عمك و جيب معك إشي ناخذه بإيدينا للجماعة.. رد علي: "هو أنا بعرف غيرها.. هي نفس علبة الشوكولاته اللي بجيبها من نفس المحل دايما.. والله شكلي بدي أخطب البنت اللي بالسوبر ماركت و أريح حالي و أريحك!!!".

عاد رحنا و ما شاءالله عليها البنت إسمها شروق.. حلوة هيك و مقطّمة و ملامحها بتجنن.. سمرا زيادة شوي بس طقاطيع وجهها سبحان اللي بدعها بغطي على سمارها.. هيك دخلت قلبي عالسريع هالبنت.. حكينا حكي عادي مع أمها و تعرفنا على بعض و حكيتلهم عن رأفت و شو وضعه و ليش طلّق.. و الحمدلله ما اعترضوا عالفكرة.

فرجعت عالبيت و حكيت لأبو نشأت و رأفت عن الجماعة و رتبنا لزيارة ثانية عشان يروح رأفت يشوف البنت.. و من قد ما أنا مبسوطة إنّي لقيت عروس و بدي أحكي شو شفت رنيت على تقى و حنان و عزمتهم ينزلوا نشرب فنجان قهوة.. يختي الرجال ما بفشّوا الغل بهيك حكي.. رأفت و أبوه حكيتلهم كلمتين و سكتوا.. بدي أحكي.

على ما نزلوا كنت عاملة صينية القهوة و قعدنا بغرفة الضيوف عنا.. و بدأت أوصفلهم شروق و كيف هي و قعدتها و أمها.. رجعت تقى زعلت قال ليش أحكي "سمرا بس حلوة".. قال مالهم السمر عاطلات؟ وجابتها إنه بطريقة مزح.

ولك أنا حكيت عاطلات؟!!! أنا هيك من الله بحب البيض.. شو فيها هاي كمان مش فاهمة.. والله ما استحيت منها.. حكيتلها لأ مش عاطلات.. بس كل وحدة بتفضّل إشي عن إشي.. هاي أنا بحب الدوالي و بحبش الكوسا، الكوسا صارت عاطلة؟ انطمزت قال و زعلت و ما حكت ولا كلمة لآخر القعدة.. قلت بعقلي "غوري".. بحبش اللي بضل يتحسس من كل إشي.


"كناين أم نشأت "

(الحلقة السادسة عشر)

ثاني يوم أخذت رأفت و رحنا عشان يشوف شروق.. طبعا يومها رأفت مقبعة معه الثاني قال زهق قد ما راح و شاف عرايس.. كنت بدي أنط بكرشه يومها، فوق ما أنا "مبعوطة" قد ما شربت عصير و قهوة عند الناس و حضرته زهق.

قعدنا مع الجماعة و كان أبوها لشروق موجود.. طبعا أول ما سأل عن طلاق رأفت و شو السبب.. فشرحله رأفت القصة بالمختصر و حكاله عن أطباعها و عن آخر قصة صارت يوم العزيمة.. أبوها لشروق فكّر إنه الطلاق صار عشان إنها ما بتشتغل بالبيت و ما بتهتم.. و حكاله إنه هذا سبب ما بخلّيه يطلق مرته.. بس رد عليه رأفت يومها إنه الطلاق صار لإنها ما كانت تحترم أهله و بس.

المهم صاروا يحكوا شوي عن البلد و الغلا و مواضيع عادية لغاية ما دخلت شروق.. إسم الله عليها هالبنت يومها كانت ما أحلاها.. إحنا على أساس يقعدوا مع بعض يتعرفوا على بعض و إذا رأفت وافق، أبو نشأت برن عليهم و بياخذ منهم موعد.. بس شكله رأفت طار عقله بالبنت.. بس خلصت الزيارة و أجينا نروّح سأل الأب إنه متى ييجي أبوه يطلب شروق.

و أخيرا ربنا يسّرلنا اياها بعد طول مدة.. رحنا خطبنا شروق و اتفقنا على الترتيبات و التفاصيل كلها.. و الجماعة الصحيح كانوا اطياب عالآخر و ما زادوها بالمرة.. لدرجة إنه أبو شروق أصر تنعمل حفلة الخطبة عنده بالبيت و رفض نحجز صالة.. من مبدأ إنه إذا عملنا الخطبة بالصالة شو في داعي للصالة يوم العرس.

كنت أيامها بدي العلاقة بيني و بين كنايني ترجع زي أول.. و كنت أستشير حنان و تقى بكل إشي.. بس حسّيتهم ما بدهم يتدخلوا أو يعملوا أي شي.. طول تحضيرات الخطبة و أنا أركّض لحالي و كل ما أحكي لهم عن شغلة عملناها أو بدنا نعملها؛ يردوا على قد الكلمة.. ما كانوا يتفاعلوا زي الأول.

انقهرت أنا بصراحة.. يعني شو اللي صار بيني و بينهم تا وصلنا لهاي المرحلة.. و ليش تا تصير الشغلة زي "الربّاطية" علي و أنا بحياتي ما أذيت وحدة منهم.. و بصراحة  أكثر اللي عز علي هي تقى.. يعني ما كانت هيك بالمرّة.. و ما صار الإشي الكبير بيني و بينها حتى تتغير هالقد.

حتى كلمة ماما اللي كانت – وما زالت – تحكيلي اياها ما عدت حسيت فيها زي زمان.. قهرتني عالآخر.. قعدت فترة أراجع حالي إنه شو النقطة اللي افترقنا فيها عن بعض.. ما لقيت غير قصة جنى أختها.. قعدت أفكر كثير بيني و بين حالي لقيت حالي فعلا كان علي غلط.. كنت أحكي أيامها لتقى إنه الزواج قسمة و نصيب و نسيت أحكي لحالي هالكلام.

بس هالمرة قلت و الله ما بدخّل حدا بالموضوع.. حتى ولادي بديش يحسّوا إنه صاير إشي بيني و بين نسوانهم.. أنا بعرف كيف أحكي مع تقى و بصالحها.. هي المشكلة هذيك حنان اللي مين ما كان بلعب براسها.. راحت عبير أختها و ركضت زي الصغار ورا تقى.

بيني و بينكم اللي خلاني أراجع حالي من أول و جديد إنه بديش خطيبة رأفت تدخل حياتنا و تلاقي مشاكل و جو مشحون بين مين ما كان.. أمنية حياتي صارت نعيش هيك بهدوء و سلام بدون مشاكل و زعل.. و الصراحة كنت متعشمة بشروق خير من لما شفتها.. فقلت برتّب الأجواء و بلطفها قبل ما تيجينا العروس الجديدة.

عاد بيوم شفت حالي مستصحّة و فش وراي إشي حكيت لأبو نشأت يطلع و يفضّلي البيت بعد العصر.. و رنيت على تقى و حنان و خبّرتهم ينزلوا عندي عالخمسة العصر بدي أعمل جَمعة نسوان زي جَمعة ولادي.. ناديت على أم عبادة من الصبح و بلشت هي بالبيت و أنا دخلت عالمطبخ.

انتبهت صارلي زمااان ما تفنّنت بالمطبخ و الحلويات.. والله كنت معدّلة بزماناتي و ما أشطرني بالحلو.. صفنت شوي و استرجعت بمخي كم صنف و بدأت أحضّر.. كيك على مهلبية على عيش السرايا على بسبوسة بالقشطة.. ما خلّيت يومها.. و أنا أشتغل و أبو نشأت يتمسخر علي فايت طالع عالمطبخ كل شوي.. و يهيجن "إحذر من كيد النّسا تا تضل عينك سالمة".. و أنا أحكيله: طيب إحذر و إطلعلي من المطبخ خليني أخلّص.

قعدنا يومها أنا و كنايني قعدة رواق زمان ما قعدناها.. ضحك و مزح و أكل.. و كملت معهم مزبوط إنه نشأت و بهجت أخذوا الولاد عنهم و أجوا هم الثنتين لحالهم.. خلصنا أكل يومها و قامت حنان شغّلت هالمسجّل و قوّموني أرقص معهم.. والله بعرس أولادي ما رقصت هيك.. الصحيح كانت عصريّة بتجنن إلي و إلهم.

بعد ما خلصنا و أخذنا نفسنا شوي و ريّحنا؛ حكيتلهم:

"شوفوا حبيباتي.. يعلم الله إنه كل وحدة فيكم بعتبرها بنت أنا ما خلّفتها.. بعرف إني ما راح أكون زي أمكم لإنه فش زي الأم.. بس أقسم بالله إنه معزّتكم كبيرة و غاليين علي إنتو.. و الدنيا ترى فيها مشاكل أكبر بكثير من اللي شفتوه و اللي أكيد راح نشوفه مع بعض بالأيام الجاي.. و الله لا يجيب مشاكل.. بس بالآخر ترى البني آدم آخرته بتعرفوها: مترين قماش و قطنة.. و ما حدا ماخذ منها إشي.

تقى حبيبتي.. يعلم الله إنه أختك جنى بنت حلال و ما بتتعيّب.. و بكفي إنها ترباية أمك اللي ربّتك إنتِ و شفنا عشرتك الحلوة و عقلك اللي بيوزن بلد.. بجوز أكون غلطت لما زعلت منك قبل كم أسبوع على قصة خطبة رأفت.. بس يشهد الله إني ما بكنّلها لأختك بقلبي غير كل خير و لغاية الآن.. و إنتِ زيها و أكثر.

و إنتِ يا حنان ما أحلاكي قد ما بتذكريني بحالي و أنا صغيرة.. طيبة قلبك مافي منها هالأيام.. ولا تفكري طيبة القلب ضعف أو إشي لازم تتمرّدي عليه؛ بالعكس هاي عُملة نادرة لازم تحافظي عليها لإنه بالنهاية ترى لا يصح إلا الصحيح.. و الله حتى لو انظلمتي بيوم أو انفهمتي غلط بالآخر ربنا مع الحق و بعين صاحبه".

ما طوّلت كثير عليهم بالحكي.. كان في شغلات ثانية بدي أحكيها بس بدّيش يحسّوا إني بنظّر عليهم أو بلقي مواعظ.. أحسن ما أنزع هالقعدة.. ما صدقت على الله و شفتهم أجوا علي و بوّسوا إيدي.. و رجعت تقى يومها حكتلي "ماما" بالرّنّة اللي كنت أسمعها منها زمان.



" كناين أم نشأت "

(الحلقة السابعة عشر)

من بعد الجَمعة اللي عملتها لكنايني عشت أيام من أحلى أيام حياتي.. هادية و رايقة و أولادي مبسوطين هم و ولادهم و بصحة و عافية.. ما كان بدي أحلى من هيك.. أصلا شو بدها الوحدة غير هيك؟

حتى حنان اللي كان مضايقها موضوع زيارات أهلها اللي خفّت من بعد ما اتطلّقت أختها ما عاد كثير يأرّقها زي قبل.. اكتشفت إنها كانت محتاجة حضن يسد مكان أهلها و أختها و كنت أنا اللي مسكرة هاد الحضن.. و مجرد ما فتحتلها إيدي حسيتها زي اللي كانت غايبة و رجعت؛ حتى نفسيّتها تغيّرت و ما أحلاها صارت.

و تقى الله يرضى عليها رجعت تقى الحربوقة اللي بتركض على أي شغلة و بدها تخدم الناس كلها.. هالبنت من النوع اللي فعلا بعمل و برمي بالبحر.. لدرجة بتخلّي الواحد يندم إنه زعّلها أو فكّر يزعّلها.. زي لما كنت بدي أجيب أم عبادة عشان تعزّل شقة رأفت و تجهّزها قبل العرس.. "أبّود و سبع جدود" غير هي اللي تجهّزها.

و الله ما قِبلت.. و حنان شافتها زي هيك الثانية قامت و فزعت معنا.. مع إني ما كنت بدي اياها تفوت على شقة أختها القديمة خوف لا تتأثر أو تتحسّس بس حلفت مية يمين إلا تساعد.. و فعلا ما أخذت معنا الشقة يمكن ساعتين أو ثلاث و رجعت تقول ما حدا كان ساكنها.

بيوم كانوا تقى و حنان بدهم يطلعوا عالسوق يشتروا فساتين لحفلة عرس رأفت.. حكيتلهم خلّوا الأولاد عندي و روحوا براحتكم.. و فعلا راحوا على أساس ساعتين و بدهم يرجعوا.. مافي يا دوب نص ساعة وإلا هم راجعات و ما حكوا أي كلمة.. كل وحدة أخذت ولادها و طلعت على بيتها.

بالصدفة كاينات شايفات عبير و ربحي إبن سلفي قاعدين بكوفي شوب.. لما شافتهم تقى انصدمت و استغربت شو اللي لم الثنين على بعض.. بس الصدمة الأكبر لما عرفت إنه حنان معها خبر بالقصة و حاولت تسكّر على الموضوع.

بصراحة أنا كمان ضلّيتني على صفنتي لما حكتلي تقى.. و فهّمتني إنه قعدتهم مش قعدة بريئة بالمرة.. و اللخمة اللي التخَمتها حنان كانت أكبر دليل على اللي كاين يمشي من تحتنا و إحنا يا غافل إلك الله.. سحبت حالي و رحت على دار سلفي بدي أفهم شو القصة بالزبط.

قال ربحي عاجبيته عبير و ناوي يثنّي و يتجوز على مرته من وراها.. و أم ربحي مش ممانعة الموضوع و طلع معها خبر باللي قاعد يطبخه إبنها مع عبير.. و الله ما خلّت براسي عقل و هي بتحكي ببرودة أعصاب و لا كإنه عبير كانت مرته لرأفت.. نزلت فيها عن جنب و طرف يومها.

لا في عقل و لا منطق بقبل اللي قاعدة تحكي فيه.. أول شي خطر على بالي إنها قاعدة تخرب بين أولاد العم.. شو بده يكون منظر رأفت و ربحي إذا التقوا بمناسبة أو بزيارة عند حدا منا؟ بعدين شو اللي لم الشامي على المغربي؟ ربحي و عبير بينهم حوالي عشرين سنة؛ شو اللي بده يخلّي عبير قبلانة بهيك جيزة؟ و سلفتي عارفة ليش رأفت طلّق عبير.. شو جابرها هي و إبنها يتحملوا هيك أطباع ؟

و أنا أحكي و أم ربحي أذن من طين و أذن من عجين.. ولا كإني حتى بحكي معها.. صارت تنظّر علي بالقسمة و النصيب.. بتعرفوا؛ حسيت يومها قديش هالكلمة عبارة عن شمّاعة بتعلّق عليها كل تفكيرنا "الأجقم" و عمى بصيرتنا.. ولا إراديا رجعت ندمت مرة ثانية عاللي عملته بتقى يوم ما تقدّمنا لأختها جنى.. جنّنت أهلها يومها و أنا أحكيلها قسمة و نصيب.. فعلا دوّارة هالدنيا.

المهم شفت فش أمل من الحكي مع أم ربحي.. رجعت "فارعة دارعة" على حنان بدي أفهم منها القصة بالزبط.. ولك يا حنان من متى بتعرفي بقصة ربحي و أختك؟ و بالأحرى: شو هي قصة ربحي و أختك؟!!! قال يا حفيظ السلامة ربحي كاين يستنّى عبير تا تخلص عدّتها و راح حكى مع أهلها بده اياها.. و طلب منهم ما يخبرونا لغاية ما يصير كل إشي رسمي و ينكتب الكتاب عشان ما بدهم أي حدا و – بالأخص مرته الأولى – تعرف.

و الثاني سلفي أبو ربحي "مطَرطِر" ورا إبنه و مرته و تاركهم على هواهم.. لدرجة إنه ما خبّر أخوه أبو نشأت.. أنا يومها ما كذّبت خبر، رحت حكيت لأبو نشأت كل إشي و إنه أخوك هيك هيك قاعد بعمل.. و لما حكى زوجي مع أخوه طلع مش بس هيك؛ كمان محددين كتب الكتاب قبل عرس رأفت بيومين.

يعني لما قعدت أحللها براسي و صفنت فيها، حسّيت إنه الشغلة مجرد كيد بدها تكيده عبير لرأفت.. إنه إنت بدك تتجوّز؛ هاي أنا بتجوّز و قبلك كمان.. و من إبن عمّك مش حدا غريب.. بالأول كنت بدي أعتب على حنان إنه ليش ما خبّرتنا من قبل.. بس لما عرفت التفاصيل و موعد كتب كتابهم بطّلت أجمّع.. العمى ما أقواها هالبنت هي و أمها.. ولا تقول إنه حنان بتقربهم.

قعدت أحسّب و أتقلّى تقول نار وشاعلة فيي و أفكّر كيف أفركش هالخطبة.. و أبو نشأت شايف حالتي و بحكيلي إنتِ ليش هالقد زعلانة؟ و على أبرد ما عنده.. حتى ما استرجيت أنا اللي أحكي لرأفت الخبر.. حكيت لنشأت هو اللي يخبّر رأفت و إنه ابن عمّه هيك هيك بده يعمل.. فأجى علي رأفت بعد ما شافني زي اللي مرضت و حكالي إنه هو مش زعلان بالمرّة.

بالنسبة لرأفت عبير كانت طالعة من باله عالآخر لدرجة بشك فيها إنه حبها أو كان يحبها بيوم من الأيام.. و لو كانت فعلا لسه في معزّة إلها بقلبه كان خبر هاي الخطبة زعّله أو ضايقه.. بس بالعكس؛ اعتبر إنه ربحي ابن عمه راح ياكل مقلب بزواجه من عبير.. لإنه عارف شو هي عبير.. حتى يومها حكالي عن طريق المزح: "إذا بدك تقهري مرت عمي و تعملي فيها فِلِم خلي الخطبة تتم و شوفي شو راح تعمل فيهم عبير".

" كناين أم نشأت "

(الحلقة الثامنة عشر)

وفعلا تمت الخطبة قبل زواج رأفت من شروق بيومين.. انعزمنا على الحفلة و صارت قصّة إنه نروح أو ما نروح.. أبو نشأت قال أنا لازم أروح لإنه بضل إبن أخوي.. و نشأت كان زي أبوه.. و بهجت أكيد راح كونه زوج أختها للمقرودة عبير.. بس أنا والله شفتها صعبة علي إني أروح و أشوف عبير و أمها و أبارك لهم.. يهد يومها هالعبير كيف عملت هالعَملة!!!

رنّيت على أختي أم قاسم قلت خلّيني أشوف رأيها، حكتلي ولك هبلة إنتِ.. إذا هاي الصوصة اللي دوبها فاقسة من البيضة مفكرة حالها بتقاهركم بتردّي عليها؟ روحي و زغردي و انبسطي و أرقصيلها كمان.. و خليها تنفع أم ربحي تا نشوف شو بدهن يعملوا ببعض.

بالأخير أبو نشأت حكالي إلبسي و قومي معي و ولا كإنه صار إشي من قبل.. بس رأفت طبعا يومها اللي ما راح حضر.. والله رحنا عالحفلة و سلمت على عبير و أمها و لا كإنه في إشي.. و هديك حنان المسكينة متكهربة و عين عالحفلة و عين علي.. سلمت عليها الثانية و باركتلها و قلت بعقلي حرام خليها تنبسط بأختها.. و قعدت أزقّف و أوزّع ابتسامات و عادي.. و عبير كل شوي قال تقوم ترقص و تقرّب لعندي و تميل علي.

أول مرة، و ثاني مرة.. تضايقت بصراحة و انتبهَت علي تقى اللي كانت قاعدة جنبي، و كل شوي أتطلّع عليها إنه شو مالها هاي المجنونة.. غمزتني تقى و حكتلي إستني و شوفي شو بدي أسوي فيها.. قامت عبير ترقص على "مشكلني حبك يا روح الروح" و الحماس داب فيها عالآخر.. و خلّتها تقى لغاية ما قرّبت علي و دارت لي ظهرها و صارت تميل لورا.. و قد ما الله يعطيها تقى مدّت رجليها و خبطتها على كعبها!!!

أنا يا دوب غمضت عيوني و فتحتهم ولّا حيالله هالوحدة قالبة على ظهرها عالأرض و رجليها لفوق.. عزّااا.. ولا توقعت تقى تعمل هيك.. المصيبة إنه عبير قلبت قدمي و بيّنت إنه أنا اللي وقعتها.. و هذيك تقى قال قامت تركض "سلامات سلامات بسيطة.. هي الأرض بتزحلق،  إنتبهي".

ولك شو تنتبه؟ كعبلتيها للمخلوقة.. قامت هديك وجهها أحمر و منفّخة و بتتطلّع علي مفكريتني أنا اللي خبطتها.. قلت بعقلي منيح، صيط غنى ولا صيط فقر.. رجّعت تقى عالكرسي اللي جنبي و إيدي على تمي بدي أضحك و بالموت ماسكة حالي.. وشوشتها بصوت واطي "يسلمو ايديكي".. ولّا هي بتحكيلي "يسلمو رِجلَيّ شو دخل إيدي"..و هات سكّتني لما حكتلي هالكلمتين.. يعني ما لزقت فيي التهمة بالأول، لزقت فيي بالتالي.

روّحنا يومها و أنا بعدني بضحك و أبو نشأت يسألني شومالِك؟ أحكيله ولا إشي فرحانة لأم ربحي على كنّتها الجديدة.. شو بدي أحكيله؟ والله إن عرف عني أنا و تقى ليكوّمنا الثنتين فوق بعض و يكسر عظامنا.. و أنا بدي يكون فيي حيل لعرس رأفت.

عاد ما شاءالله ما إحنا صرنا خبرة بالأعراس.. يعني تجهيزنا لعرس رأفت كان عامل زي اللي بجهّز لرحلة مشاوي.. و بصراحة والله صالات الأفراح إنها نعمة.. أصحاب العرس بروحوا على عرسهم زيهم زي المعازيم.. مش زي أيام زمان.. الوحدة تقعد من قبل العرس بأسبوع (إذا مش أكثر) ريحتها عرق و زفر و لحمة و مناسف.. هيك أريح.

و صار عرس رأفت.. و الحمدلله كان حلو و العروس كانت بتجنن.. أهم إشي عندي العروس.. أي بعد اللي عملته حنان بحالها و فيي يوم خطبتها و عرسها ما بنعمل بيهودي.. ولا بنساه هداك اليوم.. و الغريب مين اللي شرف على حفلة العرس؟ عبير!!!

هالمفعوصة صدمتني بس شفتها قدامي مزبطة حالها على آخر طرز و جايّه.. عزّا في وحده عاقلة بتيجي على عرس طليقها؟!!! و المشكلة إنه شروق عارفيتها لعبير و شافتها قبل.. أخذتها من إيدها بدي أقعّدها على طاولة بعيدة بديش شروق تشوفها.. مسكتها زي اللي ماسك كيس مخدّرات و بدي أهرّبها أو أصرّفها بأي مصيبة.

قعّدتها على طاولة قريبة من أهلها و جحرت أمها الثانية.. و أشّرتلها بإيدي إنه شو جابها هاي؟؟؟ و رحت أركض على حنان و الشّرار بقدح من عيوني.. سألتها شو اللي جاب أختك عبير عالعرس؟؟ حكتلي إنها جاية مع أهلها قال بتخاف تقعد بالبيت لحالها.. عصّبت يومها و أجت فشّة الغل كلها بحنان.. و طلعت مني كم كلمة أقسم بالله غصبن عني.. سبّيت عليها و على أمها و أختها و ما خلّيت.

و مش تقعد و تكنّ.. لأ، لما طلع رأفت على صالة الرجال يسلّم عالمعازيم قوّمتها سلفتي أم ربحي و غير يقوموا يرقصوا مع بعض لما شافن العروس نزلت ترقص مع صاحباتها.. عرفت إنها جاية و مش ناوية خير.. بالذات لما شفتها بتحوم حولين شروق.. أول ما خطرلي إنها جاية تعمل اللي عملته فيها تقى بخطبتها و بدها توقّعها.

ركضت على تقى.. ولك هيك هيك القصة ساعديني.. عالسريع قالتلي خلّيكي لما تشوفيني صرت ورا عبير و أمسكي بنت حنان و أعملي حالك نازلة فيها ضرب قدام خالتها.. صفنت بالأول بدي افهم ليش، بس حكتلي بسرعة بسرعة.. ما خلّتني أفكر شو بدها تساوي.. حيالله أخذت بنت حنان و وقّفت على طرف الساحة تبعت الرّقص.

و فعلا تسرسبت تقى و هي عاملة حالها بترقص ورا عبير و غمزتني.. و بدأت على أساس إني بضرب ببنت حنان.. فش خطوتين ركضتهم عبير لجهتي ولا هي تقى داعسة على طرف فستانها لعبير و مكوميتها نفس التكويمة تبعت قبل يومين.. عزّاااااااا !!!!


" كناين أم نشأت "

(الحلقة التاسعة عشر)

دبّت عبير الصوت و هي مكوّمة زي الشوال عالأرض و هات يا عياط و صراخ.. و تقى تحكيلها آسفة و مش قصدي، و عالفاضي.. و أنا صرت عين على عبير و عين على شروق اللي نزلت تبويس بتقى.. و تقى قال المسكينة تحكيلها "لا والله مش قصدي حرام".
أجت حنان أخذت أختها و رجّعتها على طاولة أهلها و الظاهر حكتلهم يروحوا.. لإنه ما في دقيقتين سحبوا حالهم و طلعوا.. و رحت على تقى "عزا ولك شو اللي عملتيه؟ أنا كل فكري تبعديها عن شروق أو تضلّك حوليها".. ردت علي: بعدين بعدين. ولولولولولولوييييييي.

يشهد علي ربي هالتقى يومها حسيتها تقول واحد من أولادي مش بناتي.. حسيتها سند بستند عليه الواحد.. و صارت حنان بدها تعاتب تقى عاللي عملته.. أخذتها و بعّدتها عنها و حكيتلها مش قصدها و بعدين بنحكي مش وقته.. عزّا إحنا بعرس و بدناش ننزع الليلة عالعرسان.

بالطول بالعرض خلص العرس و طلعنا بأخف الأضرار.. عالقليلة مش العروس اللي انبطحت بنص الصالة.. و إحنا راجعين عالبيت بحكي لأبو نشأت ترى هيك هيك صار.. قلت خلّيه ما يتفاجأ إذا وصلنا البيت و لقينا تقى و حنان داقّات ببعضهن زي ما عملوا بالزّمانات.. دب الصوت يومها بالسيارة و ما خلّالي و لا بقّالي أنا و تقى و النسوان و كيد النسوان.. يابي يومها منيح اللي ما زتني من السيارة.

رجعنا عالبيت و ربك حميد لسه دار نشأت و بهجت ما وصلوا.. دخلنا و قعدت قريب عالباب قلت خلّيني ألحق إذا بدهم يتهاوشوا أسكّتهم.. ما أنا عارفة حنان والله ما بتمشّيها لتقى.. وصلوا دار نشأت بالأول و طلعت عزمتهم على العشاء على أساس قال نحكي عن العرس و أشوف شو الأخبار.. يا دوب فاتوا لجوّا ولا أبو نشأت هابب مرة ثانية بتقى.. ما أقل من عقلك إلا عقل عمتك.. و بدكن حش رجلين.. و فوق و تحت.

خلّيته تا بعبع اللي عنده و هدي شوي و أجى دوري: "والله اللي بدعس علي بطرف بدعس عليه.. هيك المفروض تحكيلي مش تصيح و تبهدل.. إحنا ما غلطنا.. و ما كنت راح أستنى تا الست عبير تعمل مصيبة بشروق عشان أقعد أتفرّج.. طز فيها و بأم ربحي معها.. أصلا جيّتها كلها ما كان إلها داعي".

"أيواااا إنتِ هاظ اللي بدك إياه.. بدك تردّي على أم ربحي و خلص.. ولك فكّينا عاد منك و منها.. أقول لك؛ طز فيكو إنتو الثنتين!!!!".

المهم يومها بعد ما خلّصنا "طزطزة" على بعض أنا و أبو نشأت عصّب و أخذ نشأت و طلعوا قال بدهم يتعشّوا بره لحالهم.. قعدت أنا و تقى نحكي عن اللي صار و شو بدنا نعمل.. بصراحة أنا من جوّا مبسوطة عالآخر بس والله هكلانة هم حنان.. و بديش اياها تاخذ على خاطرها.. فاتفقت أنا و تقى  تحكيلها إنه عن جد ما كان قصدها و إنه بنت حنان كانت كابّة كيك على فستانها و بنظفلها اياه.. و إنه عبير فكّرتني بضرب بالبنت.

فش شوي ولا جاي بهجت و جايب حنان عندي عالبيت.. قال أبوه متّصل عليه و حاكيله وصّل مرتك لعند أمك و تعال لاقينا نتعشّى.. يا دوب فتح الباب و دخّل حنان و حكى لنا هالكلمتين و طلع.. دخلت حنان فارعة دارعة و بالموت و إحنا نهدّي فيها.. و على قصدك و مش قصدك و إنتِ عملتي هيك و سوّيتي هيك.. بيجي نص ساعة و إحنا نحكي.

و ما هديت و سكتت إلا لمّا حكيتلها أنا بدي أعرف ليش أجت أختك عالعرس؟ في وحده عاقلة بتيجي تحضر عرس طليقها؟ سكتت و ما عرفت شو تجاوب.. حكيتلها أنا بديش إنتِ تجاوبي، إنتِ ما إلك دخل و دايما ما بحب أربط بينك و بين أختك لإنه في فرق كبير بينكم.. بس كمان إنتِ غلطانة من الأول و أنا مش حابة أحكي.

و بما إنه يومها انفتحت القصص كلها قلت لها يا حنان إنتِ كنت تعرفي عن قصة أختك و ربحي و ما حكيتي.. و متأكدة إنك عارفة إنه عبير راح تيجي اليوم عالعرس و كمان ما حكيتي ولا حاولتي تقنعيها إنها ما تيجي.. لا تحكيلي بتخاف و ما بتخاف.. أختك بتخوّف بلد بحالها.. خلص خلينا نسكّر عالموضوع و ولا وحده ترجع تراجع الثانية بإشي.

حكيت هالكلمتين و قعدنا نحكي عن العرس شوي و المعازيم شوي و العروس شويتين.. و كحشت كل وحده على بيتها.. بدي أتفضّى للمعصّب هداك.. أكره ما علي يقعد يرفع صوته علي قدّام حدا.. ولا ببطلها هالعادة.. غيرت ملابسي و قعدت أشحن بحالي قبل ما يروّح و قلت والله ما بمرّق له اياها على خير هالمرّة.

قعدت أستناه لغاية ما أجى و حامل بإيده وردة حمرا!!! بتعرفوا، زي اللي كب علي مي باردة.. ما إله بالعادة يعملها هالحركات أبو نشأت.. سكّتني و الله ما حكيت ولا كلمة.. أعطاني اياها بإيدي و ابتسمت غصبن عني.. حكيتله "شو عدا ما بدا؟ ما إلك بالعادة يعني".. مش يكمل الرومانسية و يحكيله كلمتين حلوات.. رد علي: "هاي مدلّة ولادك هاي.. ولّا أنا بعرف أشتري ورد أو سخام؟ قومي طلعيلي أواعي بدي أتحمّم".

أنداري.. يومها سبيت على حالي و عالنسوان و عيشتهن.. يقطع هبلنا كيف الوحده بتكون بدها تبعبع و تصيّح و بالآخر بتسكت بوردة أو ب "سخام" قوالة أبو نشأت.. حطينا راسنا عالمخدة بهداك اليوم و سألني أبو نشأت كيف كانت الحفلة غير عن الفلم اللي صار بعبير.. و دعينا للعرسان الله يوفقهم هم و إخوانه و أولادهم.. و حطينا راسنا و نمنا.

و على صلاة الفجر بهداك اليوم.. شخر أبو نشأت آخر شخرة بحياته.. ليلة زواج رأفت الله وكيلكم.. ولا بنساها.. طلّع هداك الصوت و الفجر بقول الله أكبر.. و توفّى عليه رحمة الله.. تركني من سنتها زي بنت صغيرة ضيعت أهلها ببلد غريب.. و فجأة بدون سابق إنذار.. و كإنه ربنا مخليه تا يزوج ولاده عشان ياخذ أمانته.. الله يرحمه و يغفرله.

" كناين أم نشأت "

(الحلقة العشرون)

يوم زواج رأفت كان نفسه يوم وفاة أبو نشأت الله يرحمه.. كان رأفت حاجز ثلاث أيام بفندق و ما كان بشقته.. طلعت ركضت على شقة نشأت أصيح و صحيته هو مرته.. و طلع بهجت على صوتنا و نزلوا يشوفوا أبوهم ركاض.. بس الكريم كان ماخذ أمانته.
يومها الله دب علي البرود و مسكت حالي مزبوط.. أول شغلة عملتها بعد ما حكى نشأت مع الإسعاف حكيتلهم ما حدا يحكي مع رأفت تا يطلع الصبح.. خليه يكمّل ليلته و بنخبره قبل الظهر ييجي يودع أبوه.. و على ما أجو الإسعاف و أخذوا المرحوم كنت قاعدة زي اللي بدي أستوعب شو اللي صار و اللي بده يصير فينا.

يمكن خلال ساعتين عدت شريط حياتي كله مع أبو نشأت الله يرحمه.. من يوم ما اتجوّزنا و قعدنا بدار عمي للأيام اللي كان يغيبها بالمعسكر و أيام العمار و الشقا اللي شفناه و إحنا نحط طوبة على طوبة.. غير عن ترباية أولادنا و سهرنا عليهم بمرضهم و غيبتهم.. و فرحنا بنجاحاتهم بالمدرسة و الجامعة.. لقيت إنه كل اللي بتذكره بحياتي أبو نشأت كان معي.

ذكريات كثيرة كنت أسترجعها و صوت بكا تقى و حنان يقاطعني كل شوي.. انتبهت من زعلهم عليه إنه الله يرحمه كان يشبه عمي (أبوه) كثير.. بحياته ما ظلم وحدة منهم ولا حسّسها إنها غريبة أو جار على وحدة منهم على حساب الثانية.. حقهم يزعلوا عليه.. اللي زي أبو نشأت بنزعل عليه.

و أول دمعة نزلت مني كانت لما جابوه عالبيت مشان نودعه و على دخلة رأفت و عروسته شروق.. قطّع قلبي عليه رأفت و هو يحضن و يبوّس بأبوه و يعيّط زي الصغار.. هالمسكين ما تهنّى لا بزواجه الأول و لا حتى يوم دُخلته بالثانية.. بس بترجع الوحدة و بتقول سبحان الله هيك حال الدنيا.

قعدوا أيامها أولادي و نسوانهم يناوبوا عالمبيت عندي بالبيت أول كم يوم.. بس حكيتلهم بالآخر بديش ييجي حدا ينام عندي.. هيني منا قاعدة تحتهم و قريبة عليهم.. إذا احتجت إشي و ناديت من تحت الكل بسمعني.. كان بدي نرجع بأسرع وقت لحياتنا الأولانية.. بس هالمرة بدون أبو نشأت.

بهديك الأيام رجع رأفت و مرته شروق على دوامهم الطبيعي.. بالأول كان رأفت بده مرته تترك الشغل و تتفرّغ للبيت.. و يومها مش بس شروق اللي رفضت.. أنا كمان كنت معترضة كثير على هاد القرار.. و حكيتله يكون منطقي شوي.. راتبه كمدرّس مش هداك الراتب اللي بصرف على بيت و بعيشه بمستوى منيح.. و ما دام الله رازقه براتب ثاني من مرته تساعده و تعينه شو المشكلة؟ خصوصا إنه شروق الله يرضى عليها ما كان عندها مانع إنها تساعده بالمصروف.

أنا بصراحة كنت عاذرة رأفت و مقدرة إنه جرب العيشة بالأول مع عبير أيام ما كانت طالبة و اللي عاناه معها بسبب غيبتها و عدم تفرّغها للبيت.. بس شروق بتفرق فرق السما و الأرض عن عبير.. و الشهادة لله ما كنت أحس إنها مقصرة ببيتها أو زوجها.. و همّتها ما شاءالله دايما عالية و عارفة تنظّم وقتها.. بالآخر أكّلت رأفت هوا و حكيتله يخليها بشغلها.

و يمكن بحكم شغلها و وقتها الضيق لشروق مش كثير حسّيتها مندمجة مع سلَفاتها.. بس ما دام فش مشاكل بينهم قلت مش شرط يكونوا صاحبات و حبايب.. يعني زي ما بقولوا "مكافاة شر أحسن الشر".

العلقة كانت هي غيرة السّلَفات الطبيعية بين أي وحدة و الثانية.. معظم المرات كانت تصير ضمن الإشي المعقول.. بس أحيانا كانوا يبالغوا فيها.. و الصحيح و لأول مرة بنتبه إنه هاي المشاكل كان سببها الجيرة.. و القرب اللي بينهم و بين بعض.. زي يوم ما جابت شروق طقم البوفيه القزاز..

حلو كان.. ثلاث قطع كل قطعة كانت رفوفها و أبوابها قزاز بنحط فيها أنتيكات و تحف.. الصحيح بجنن و غير منظر الصالة بشقتها.. و طار عقل تقى و حنان لما شافوه بطلع عالدرج قدامهم.. نزلوا لعندي الثنتين و أجوا على أساس بدهم اياني أطبل لهم و أزمر على حكيهم.

استغربت يومها إنه ليش معترضات.. يعني وحده الله أعطاها و حبّت تجيب إشي لبيتها، شو المشكلة؟ قال وضعها على قدها و المفروض تعين زوجها!!! و مين اللي بتحكي؟ تقى!!! حكيتلها ولك يا تقى على أساس بحكي عنك إنتِ العاقلة و اللي بتفهمي.. أولا هاد إشي ما بخص حدا غيرها هي و رأفت.. و ثاني شي من متى أي وحدة بتطلّع على الثانية شو جابت و شو اشترت.. بدّك، قولي لنشأت يجيبلك أحسن منه.

نطّت هديك حنان ولا بتقول  لي: "مهو جوزها حط اللي فوقه و اللي تحته على اللي جاب البوفيه".. يا بيّي يومها لا خليت و لا بقّيت لها: "ولي يا حمارة!!! جوزها حط اللي فوقه و اللي تحته على قليلة الأصل اللي درست جامعتها على حسابه.. إذا هيك مفكرة، معناته بدك تعرفي إنه نشأت كان يحط كل شهر من راتبه لدراسة عبير اللي حاطة راسها براسي هسه و ماحداش معبّي عينها.. و بعد ما نفّض نشأت عالآخر أنا بعت من ذهبي و كمّلتلها آخر سنة".

و أنا أحكي و هي كل شوي بدها تقاطعني بس ما خلّيتها.. "أنا كم مرة حكيتلك أوزني حكيك قبل ما تحكي؟ مش "قاعد بحضني و بنتف بدقني".. اتطّلّعي على حالك و إلتهي ببيتك و ولادك و بلا طولة لسان".. سحبت حالها و طلعت على شقتها.. حسّيت إني زودتها عليها شوي بس قلت بتستاهل.. كان بدها اياها هالبهدلة.. و صارت تحكيلي تقى إنه شوي شوي عليها و يمكن مش قصدها.

شو بعرّفني.. صراحةً خلاقي صارت ضيقة و شكلي أيامها بطّلت أتحمل وجع راس.. و اللي بقلبي صار على راس لساني.. حتى مع ولادي و أحفادي صرت أضوج بسرعة و أتحيّن أي فرصة أطلع من البيت.


" كناين أم نشأت "

(الحلقة الواحد و العشرين)

اللي خلاني أنتبه لأطباعي المتغيرة هي أختي أم قاسم.. بنفس اليوم اللي بهدلت فيه حنان رحت عندها و هبّيت بوجه بنت من بناتها كمان و كان على إشي تافه حتى والله نسيت شو هو.. و يومها حكتلي إنّي صايرة عصبية و ما أتحاكى.. و كلامها كان فعلا مزبوط و كنت عارفة هاد الشي.. بس الظاهر إنه موتة أبو نشأت كانت هي السبب.

قعدت أم قاسم تنصح فيي و إنه هيك راح أخسر حتى ولادي اللي فعلا ما كانوا مقصرين معي.. بس في إشي بيني و بين حالي خلاني أخاف زيادة عن اللزوم من إني أخسرهم.. و بعبارة ثانية؛ موت أبو نشأت خلاني أتعلّق أكثر بولادي.. و خلاني زي البنت الصغيرة اللي ماسكة بطرف ثوب أبوها.

هاي المرحلة وصلتها بنفس الوقت اللي حنان أقنعت فيه بهجت إنها تطلع من العمارة و تسكن بعيد.. و اللي كنت خايفة منه صار.. كنت بزيارة لجارة إلنا و روّحت و لقيت بهجت بستنّاني بالبيت عندي و فتح موضوع الرّحيل و إنه بده يسكن لحاله.. و شوية العقل اللي كانوا ضايلات عندي طيّرهم بهجت بهالكلمتين.

منعته.. و حكيتله إنه هو و اخوانه كانوا حولي وقت اللي كان أبوهم موجود.. و مش وقت اللي مات صاروا بدهم يبعدوا و يتركوني.. قعد ساعة يقنع فيي إنه هيك أحسن إله و إلي و عشان ما تصير مشاكل و نضل حبايب.. و حكى معي بلهجة مش لهجته اللي بعرفها.. وقّفته عن الكلام و قلت له ليش إحنا متى بطّلنا حبايب؟!! يا بتجيب بهجت إبني اللي بعرفه يحكي معي، يا إما بتجيب مرتك تحكي معي بهاد المنطق.

صار يبرر إنه هاد رأيه و مرته ما إلها دخل.. و قلب على موجة ثانية إنه بده يطلع لإنه وضعه صار منيح و بسمح.. و عشان الشقة تفضى.. فكّرته بالأول إنه قصده يأجّر شقته و يزيد مصروف بيتي فوق اللي كان يجيني من تقاعد أبوه.. و حكيتله إنّي مش محتاجة.
لفلف الموضوع و سكت شوي و سحب حاله و طلع.. حسيت إنه في إشي بده يحكيه و ما كمّله.. رحت على نشأت و خبّرته إنه هيك هيك صار بيني و بين بهجت أخوه.. و وعدني إنه يحكي معه هو و رأفت بقعدتهم الأسبوعية اللي وصّاهم عليها أبوهم الله يرحمه و يفهم منه شو اللي بده اياه بالزبط.

أجى يوم الجمعة و طلعوا الثلاث الله يحميهم و اجتمعوا، و رجع نشأت بآخر الليل و دخل علي: "والله يا أمي منا عارف شو بدي أحكيلك.. بإختصار و على بلاطة: بهجت بده نقسّم الورثة!!!".

ما بعرف، زي اللي كنت حاسبه حساب هاليوم.. بكل برود أعصاب جاوبته: "طيب؟ و بعدين؟".. ولا قبلين.. رأفت كمان بده يحسّن وضعه و نفسه يكون عنده سيارة و يسد الديون اللي عليه.. و نشأت رأيه إنه هو مرتاح بالبيت و السكنة و مرته ما عندها مانع تضل ساكنة بنفس الشقة.. حكيت لنشأت يجاوبني من الآخر: إذا أنا حكيت معهم بغيروا رأيهم؟ ما جاوب.. و زي ما بحكوا بالأمثال:  قلة الجواب جواب.

قلت له أنا ما عندي مانع.. بدهم يقسموا الورثة يقسموها و بشرع الله.. حقهم و ما حدا بقدر يمنعهم.. و الله و من ثاني يوم ناديتهم عندي عالبيت و قعّدتهم و هم كل واحد حاط راسه بالأرض و بتطلّعوا على بعض من تحت لتحت.

قلت لهم: "إرفع راسك إنت و اياه.. بحبش أشوف ولادي منزلين روسهم حتى لو قدامي أنا.. بدكم تقسموا الورث قسموه و خذوا كل واحد حقه.. بس بشرط واحد: بتفرزوا الطابقين اللي فوق و بس.. هاد البيت ما حدا إله فيه لا من قريب و لا من بعيد.. و طول ما أنا عايشة راح أضل ببيتي معزّزة مكرّمة.. و فوقها كمان بدي آخذ حصتي من الطابقين.. و إنتو أحرار.. اللي بده يضل بشقته يدفع إلي و لأخوانه اللي بطلع عليه و يضل.. و اللي بده يرحل الله معه.. ياخذ حصته و يسكن وين ما بده".

و فعلا يومها كنت بقصد كل كلمة حكيتها.. أنا أحب ما على قلبي يضلوا كلهم حولي و قراب مني.. بس مش راح أقعّد حدا غصبن عنه هو و مرته.. و أنا عارفة إنه بهجت بالذات ما راح يضل.. كنت شاكة شوي برأفت إذا كان بضل أو بطلع هو الثاني.. بس نشأت حكى لي بنفس اليوم إنه ما بده يرحل.. و بهجت نواياه – أو بالأحرى نوايا مرته – مبينة.

صفنوا ببعض يومها و ما عرفوا شو يحكوا.. بهجت يمكن اللي حسبها عالسريع و قال لك إذا وقّفت على الطابقين يا دوب يطلع نص المبلغ اللي كان متوقع إنه ييجيه.. و صار يقنع فيي إنه نبيع العمارة كلها و يعطوني حرية إنّي أختار أسكن عندهم أو يستأجرولي برّه.
لسه بحكيله "بعيدة عن شواربك...." و كمّل عليه نشأت و شرشحه من فوقه لتحته.. و حكالهم أمي بتضل ببيتها زي ما قالت و أنا بالنسبة إلي راح أضل كمان.. و اللي بده يطلع يسكن بره الله معه، ياخذ نصيبه و يتسهّل.. و بدون كثرة حكي.

يومها أقسم بالله كإنه أبو نشأت قدامي.. كإنّي لأول مرة بنتبه عالشبه اللي بين نشأت و أبوه و من قبله عمي.. صرت زي اللي بدي أوقف وراه و أمسك بطرفه.. طلبت منه يهدا شوي و يتركهم يفكروا و يقرروا شو اللي بدهم اياه.. و سألتهم برضاي عليهم ما حدا يزعل من الثاني و لا يحتد على أخوه.. و أنا بالنسبة إلي وعدتهم ما أزعل من أي حدا منهم شو ما كان قراره.

بالنهاية هاي حياتهم.. مش معقول أضل رابطيتهم حولي طول العمر.. و زي ما كنت أنا بدي أسكن ببيت لحالي و أطلع من عند دار عمي؛ ولادي كمان إلهم حق – حتى لو كان بضغط من نسوانهم – إنهم يطلعوا و يبعدوا.. بس الأهم عندي كان إنّي ما أتنقل بين بيوتهم.. هاد كمان كنت أعتبره حقي و ما بتنازل عنّه.

من بعد هاي القعدة مع ولادي غابوا كم يوم ما حدا منهم رجع فتح السيرة.. صار حكي بيني و بين تقى مرة.. و مع حنان مرة و مع شروق مرة.. بس حنان و شروق بالذات ما كانوا كثير واضحات بالكلام زي تقى.. تقى بالفعل زي ما حكى لي نشأت مبسوطة و تعودت على شقتها و حياتها و مش حابة تطلع.. و شروق حكتلي إنها تاركة الموضوع لرأفت هو اللي يقرر.

حنان حسيتها بتلاوع و بتلف و بتدور.. لما سألتها إنه هي شو بتفضل بغض النظر عن جوزها شو بده جاوبتني إنها مرتاحة و ما عندها مشكلة إنها تضل.. بس لو صحّتلها سكنة بمكان أحسن من حي السّخنة راح تتشجع إنها تطلع.. و لما سألتها مكان زي وين؛ صارت تعدد مناطق هون و هناك.. و من ضمنها إسكان المهندسين.


" كناين أم نشأت "

الحلقتين 22 و 23

(الحلقة الثانية و العشرون)

لما صارت حنان تعدّد و ين حابة تسكن و حكت إسكان المهندسين، عرفت إنه بدها تطلع من العمارة عشان ترجع تجاور أختها عبير.. لإنه ربحي كان مستأجرلها شقة هناك قريبة على دار سلفي و كانوا أيامها مجهزينها.. بس وفاة أبو نشأت الله يرحمه هو اللي أخّر عرسهم.

ما ردّيت عليها بإشي.. سكتت بس ما عجبتني فكرة مجاورتها لأختها مرة ثانية.. مش عشاني و لا عشان بدي بهجت يضل قريب علي لا والله.. بس ما إحنا جرّبناها لحنان لما كانت أختها جنبها و ما شفنا غير المشاكل و وجع الراس.. و أيامها كانوا سَلَفات.. هسه شو بده يصير لما يتجاوروا و جيزانهم ولاد عم و مش هالصحبة القوية بينهم، بالذات بعد ما ربحي أخذ طليقة أخوه لبهجت.

تخوّفت كثير من الموضوع و تردّدت إني أحكي لبهجت أو لأ.. بس بالآخر حكيتله و أمري لله.. من باب إنه هي الشعرة اللي بين ولادي و ربحي إبن عمهم.. و جيرة ربحي و بهجت راح تقطع هاي الشعرة.. و هاد اللي ما بدي اياه يصير بين ولاد العم..حكيت لبهجت إنه إطلع و أسكن وين ما بدك بس بلاها جيرة ربحي.. و ذكّرته بالمشاكل اللي كانت تصير لما كانت عبير على ذمة أخوه.

ثاني يوم نزلت لعندي حنان الصبح لاوية بوزها و جاي تعاتبني إني ليش هيك هيك حكيت لبهجت.. و كان اليوم اللي خسرت فيه حنان آخر رصيد إلها عندي لما كنت أحكيلها إني بدي مصلحتهم و بدي تكون حياتهم هادية و بدون مشاكل.. ردّت علي: "لو بدك مصلحتنا كانت وافقتي على بيع العمارة كلها"!!!!

كان هاد فراق بيني و بينها.. كثير تحمّلت دفاشتها بالحكي و دج الكلام بدون حساب و كنت أعتبره دايما إنه طيبة قلب منها و إنه اللي بقلبها على راس لسانها.. بس كمان كل شي إله حدود.. و ما بعرف ليش تذكّرت يوم ما رحنا نشوفها عشان نخطبها لبهجت كيف قعدت أحكي قدام تقى إنه شفنا وحدة بيضا و بتجنن و كيف زعلت يومها تقى من كلمة "بيضا".. فعلا ياما ناس بيضا من برّا بس من جوا سودا و حقودة.

و حتى ما أعمل مشاكل بينها و بين جوزها؛ ما حكيت ولا شي لبهجت ولا لأي حدا من إخوانه.. كنت عارفة إنه ممكن بهجت يبتلي فيها إذا عرف إنها جاي تحاسبني على الورثة و شو ينباع و شو اللي لأ.. بس من يومها صرت مستعجلة أكثر منهم إنه يرحلوا.. حتى لما سألتني سلفتي أم ربحي إنه متى يعملوا عرس إبنها حكيتلها إنه الحداد ثلاث أيام، و وقت ما بدهم يعملوا العرس يعملوه.

بعدها بفترة صغيرة تفاجئت بزيارة مرته الأولانية لربحي عندي بالبيت.. و فتحت معي موضوع زواج جوزها و إنها مش عارفة شو تعمل.. أنا كنت عارفة من الأول إنه عبير مش هديك اللي بنخاف منها.. حلوة و عين الله عليها ماشي.. بس بعمرهم ما كانوا الحلاوة و الجمال هم اللي بخلّوا العِشرة تدوم.. و حكيتلها إنه الشغلة صعبة عليها أكيد بس إذا كنتِ شاطرة أصبري شوي على حالك و راح تلاقي جوزك رجعلك منه لحاله.

من أيامها ما عدت شفت حنان عندي بالبيت.. كان ينزل بهجت عندي تقريبا كل يوم و يجيب معه بنته.. و كان حاسس إنه صاير إشي بيني و بين مرته بس لا أنا و لا هي حكيناله إشي.. و الوحيد اللي عرف باللي دار بيني و بينها هي تقى.. كنت راح أطق إذا ما بحكي.. و حلّفتها لتقى ما تجيب سيرة لنشأت أو لمين ما كان.. بس كنت بدي أفضفض لحدا و بس.

عاد فعلا بعدها بكم يوم أجى عرس ربحي على عبير و أنا ما حضرت يومها لإني كنت بالعدّة.. راحوا نشأت و بهجت و نسوانهم.. و أجوا ليلتها رأفت و شروق سهروا عندي بالبيت و تعشّينا مع بعض.. شروق يومها ما كانت على بعضها.. و أتطلّع عليها كل شوي ألاقيها بتدقّق برأفت و عينها عليه.. أنا فهمت.

المسكينة بتتقلّى قاعدة بدها تشوف إذا كان جوزها زعلان من جيزة عبير أو لأ (أو هيك كنت مفكرة).. استنّيت استنّيت لغاية ما فتت أنا و اياها عالمطبخ و حكيتلها ولك يا خالتو، رأفت والله ما بلاقي ظفرك ببنات العالم كلها.. أوعك تهتز ثقتك بحالك قدام جوزك.. خليكي معبية عينه و قد حالك.. هديك عبير عمرها ماكانت من نصيبه لرأفت.. هيها تجوزت و الله يسهّل عليها.

فاجأتني ولّا هي بتحكيلي: "لا والله يا خالتو مش هيك.. بس رأفت و سلافي متفقين مع واحد بده ييجي يثمّن الطابقين فوق.. و حاكيين لرأفت يخبّرك و مش عارف كيف يحكيلك".. بصراحة، زي اللي غصّيت بالأول و عرفت إنه الشغلة قلبت جد.. سألتها إنتو شو قررتوا.. و حكتلي إنه رأفت كمان بده يبيع حصته و يرحل.

حملت حالي و طلعت على رأفت بالصالة و طلبت منه يصارحني بشو ناوي هو و اخوانه بالزبط..طلع  رأفت و بهجت بدهم يبيعوا حصصهم و نشأت لأ.. هاد المختصر.. دعيتله الله يسهل أمرهم و يفتحها عليهم.. بس حسيت لسه بثمّه حكي.. ضغطت عليه أكثر و أكثر لغاية ما حكالي إنه المثمّن بده يشوف بيتي قال بس عشان يقدّر قيمته مش أكثر.

قلت له: "ولا يهمك حبيبي.. جيبوا اللي بدكم اياه و قدروا و ثمّنوا زي ما بدكم.. بس أنا طلعة من هالبيت مش طالعة.. عادي إنت ليش منحرج و حالتك حالة؟".. اللي استغربته يومها إنه ليش ولادي اختاروا رأفت بالذات يخبرني؟ و سألته حتى إنه شو رأي نشأت بالموضوع.. و حكالي إنه نشأت على رأيه و بده يشتري شقته و يضل ساكن فوقي.. ماشي.. على بركة الله.

(الحلقة الثالثة و العشرون)

ثاني يوم و حتى أوفّر الحرج على الولاد سحبت حالي و طلعت من الصبح.. و حكيتلهم إني بدي أروح أقضي النهار عند أختي أم قاسم.. و اعطيت المفتاح لنشأت إذا كان حدا بده إشي من البيت ينزل و يتناول اللي بده اياه.. و فعلا ما رجعت إلا قريب المغرب.

كان نشأت طالع هو و مرته و معطي مفتاح بيتي لبهجت.. أخذته و أصر إني أدخل عنده بالأول حكيتله تعبانة و بدي أريّح شوي.. نزل معي بهجت عالبيت و كالعادة قعد يتأتأ و أنا و شسمو و هاد و هداك و و و.. حكيتله هات من الآخر شو في؟

خبّرني إنه الأيام الماضية كاين يدور على شقة هو و مرته و لقوا شقة منيحة و عاجبيتهم بإسكان المهندسين.. و مساحتها 150م و غالية شوي و ما بعرف شو.. و صار يشرحلي إنه هديك المنطقة غالية و الأسعار زي النار.. المهم بالأخير طلع بده يحكيلي إنه حصته من بيع الطابقين اللي فوق ما بكفوا حق الشقة اللي بده اياها.. و رجع يقنع فيي نبيع العمارة كلها.

و على أساس إنه "جايب الذيب من ذيله" أجاني بمقترح جديد.. إنه لاقى استوديو صغير قريب من بيت أختي أم قاسم.. و من حصتي بورثة أبوه بده اياني أشتري الاستوديو و أسكن فيه.. و سبحان الله الصدفة كيف، الاستوديو طلع لأبوها لحنان و أبوها حاكيله إنه براعيه بالسعر.. ضحكت يومها.. و حكيتله "والله فكرة ممتازة و بالمرة بصير أقرب على أختي، مش هيك؟".

أخذ نفس لما فكّرني تقبّلت الفكرة و قعد يشرحلي عن الاستوديو إنه غرفة و صالة و مكندش و حوليه محلات و دكاكين و ما بعرف شو.. و أنا أحكيله والله! ممتاز! حلو! طيب و شو رأي اخوانك؟ قال رأفت موافق بس نشأت قال إنه هذا قرارك.. حكيتله بكرة تعال إنت و اخوانك و بنحكي كلنا مع بعض.

ثاني يوم الصبح أجتني تقى.. صارت "تتحبرم" هي الثانية و بثمها حكي.. قلت لها إذا لسه بتحكيلي كلمة ماما من قلبك؛ ترى ما في بنت بتستحي من أمها.. إحكي شو في؟.. أجت خبّرتني نفس اللي حكالي اياه بهجت قبلها بليلة.. وصارت تبوّس بإيدي و تبكي.. مش عاجبها اللي متفقين عليه ولادي و حلفت يمين عظيم إنها حاولت و حكت مع حنان بلكي تقنعها يضلوا.. بس حنان حاطة عينها على الشقة اللي شايفيتها جنب أختها و مصرّة.

قلت لها لا تعيطي و على بالك.. و إن شاءالله ما بصير غير كل خير و اليوم بتخلص القصة و برجع كل شي لمكانه.. عاد والله قامت و عملت فنجانين قهوة و قعدنا أنا و اياها قعدة من تبعات زمان.. صفا عالآخر و هديت شوي لما شافتني أعصابي باردة.. و قعدت أذكّرها بأيام زمان.

يمكن كانت أول مرة بفتح فيها قلبي هيك لتقى.. ذكّرتها بأول ما تجوّزت و كيف كان أبو نشأت الله يرحمه مش طايقها عشان اختارت الشقة اللي مش بباله.. و كيف عرفت تكسب حبّه و معزّته لغاية ما صارت أقرب كناينه على قلبه.. و على قلبي أنا كمان.. شو ما كانت الوحدة بتحاول ما تميّز بين ولادها أو كناينها.. يا عمي و الله بتضل بني آدمة و القلب إلّا ما يقبل حدا أكثر من الثاني.. ليش الحكي.

حكيتلها كمان إني بحب النسوان اللي زي هيك.. ذكية بس مش كاسرة.. طيبة بس مش غبية.. و سألتها بالله إنها ما تتغيّر.. و وصّيتها إنها تضل على طبيعتها هيك.. هاي التركيبة هي اللي بتعيش هاي الأيام و الكل بحترمها.. تركيبة الطّيبة و الذكاء.. بالآخر رجعت سألتني شو بدي أعمل المسا بس يجتمعوا ولادي.. قلت لها المسا بتعرفي.

عاد فعلا أجى المسا و قعدوا ولادي الثلاث قدامي و حكيتلهم "اللي عنده إشي يحكيه.. إلي كم يوم بتيجيني الأخبار من نسوانكم مش منكم و أنا مش هيك تعودت منكم".. و الصراحة، تعمّدت يومها أضغط عليهم بزيادة بالحكي و أستفزهم.. الله يرحمه أبو نشأت كان دايما يقول:  "إذا بدك تعرف دواخل أي شخص؛ إضغط عليه بالزّايد، بس لا تاخذ عليه كل شي بقوله".. و هيك كنت ناوية أعمل بالزبط.

أول من بدأ نشأت: "اللي بدِّك اياه هو اللي بصير.. أنا ما عندي غير هالحكي.. و بالنسبة للبيت أنا مش طالع من هون لو شو ما قسّمتوا..حتى لو كانت حصتي أقل من حق شقتي، أنا بدبّر حالي و بكمّل حقها حتى لو بحفر الأرض بأظافري".

و بهجت: "أنا حكيت لاخواني شو وجهة نظري و اقترحت عليكي مبارح إقتراح بِرضِي الكل.. و مش معناها إنه تسكني بالاستوديو اللي حكيت عنه إنه لا سمح الله تركناكي أو ما عاد تشوفينا.. هينا بنفس البلد و ان شاءالله بنجتمع زي هسه.. بس أنا والله السكنة هون مضايقيتني، و صحللي مكان أحسن و أرقى من السّخنة ليش ما أطلع.. أنا هسه رئيس ديوان بالوزارة و وضعي و مكانتي بحتّموا عليّ أكون ساكن بشقة محترمة و بمكان منيح.. عشان لا تفكروا إنه بس بدي أجاور ربحي أو مرتي تجاور أختها.. يعني مش شايف إشي غلط باللي بحكي فيه".

رأفت: "أنا زلمة على قدي.. تشحشطت كثير و أنا مكانك سر.. و خلص شكلي من الناس اللي ربنا قدر عليهم رزقهم و راح أبلّط بالتربية كمدرس.. و أنا راضي الحمدلله.. بس ما دام صاحلّي رزقة منيحة من الورثة يمكن تكون هاي فرصة العمر بالنسبة إلي أني أعمل إشي.. فأنا زي بهجت بدي آخذ حصتي و أشتري لي شقة أقعد و أستقر فيها لطول العمر.. و بيوتنا كلها مفتوحة إلك بأي ساعة.. المهم تكوني إنتِ راضية و مرتاحة".

أول ما بدأت أنا ببهجت.. حكيتله ما حدا فينا جاب سيرة إنه بدك ترحل عشان مرتك تجاور أختها.. إنت اللي حكيت لحالك، يعني على مبدأ "اللي على راسه بطحة، بحسس عليها".. و يا سيدي حتى لو كان عشان هاد السبب شو المانع؟ قعد يبرر و يصرّخ إنه لأ.. و الكل حاط حطاط مرتي بس لإنها أخت عبير.. و أنا أصلا بدي أطلع عشان أريّحكو منها.. و شوي شوي رفع الصوت لحد ما قال جملة "أصلا مرتي أحسن وحدة بين نسوان اخواني"!!!

هون خرسته و ما خليته يحكي كلمة من بعدها.. نشأت سكت، و رأفت كان بده يرد عليه و خليته يسكت هو الثاني.. حكيتله إنت شو ناقصك عشان بدك ترحل؟ إذا إنت مقتنع بشقتك و المكان اللي ساكن فيه فش داعي ترحل.. خليك مكانك و يمكن يطلعلك فوق شقتك شوية فلوس من الشقة الرابعة و زبّط وضعك فيهم.. إشتري سيارة.. إعمل اللي بدك اياه.. من ردّه علي عرفت إنه ضايع أصلا و مش عارف شو بده يعمل.. بس بده فلوس و خلص.

بعد ما سمعت من ولادي اللي بدي أسمعه و تأكدت من نوايا كل واحد فيهم من لسانه هو؛ صار وقت يعرفوا و يفهموا كل إشي.. حكيتلهم إسمعوني منيح شو بدي أحكي:......


" كناين أم نشأت "

الحلقتين قبل الأخيرة و الأخيرة

(الحلقة الرابعة و العشرون و قبل الأخيرة)

بعد ما سمعت من ولادي اللي بدي أسمعه و تأكدت من نوايا كل واحد فيهم من لسانه هو؛ صار وقت يعرفوا و يفهموا كل إشي.. حكيتلهم إسمعوني منيح شو بدي أحكي:

جدكم الله يرحمه و يغفرله لما أعطى لأبوكم و عمكم أبو ربحي كل واحد قطعة أرض عمل اللي عليه و زيادة.. بس هو كان شايف إنه عمكم أبو ربحي موظف بنك و بتلبقله أرض الإسكان بالوقت اللي كان أبوكم عسكري و لابقيتله هاي الأرض اللي إحنا عليها.. زعلت يومها و فقعت من العياط على هاي التقسيمة.

و لعلمكم و هاي أول مرة بحكيها؛ حتى أبوكم شاف فيها تمييز بينه و بين أخوه.. بس بمقابل إنه يكون إله بيت لحاله، و حساباته إنه السُّخنة راح تصير و تتصور بالمستقبل، وافق و خلاني أوافق معه لإنه ما كان في بديل ثاني.

أيامها شو كان راتب أبوكم؟ يا دوب 200 دينار و شوي.. قال لك هاللي بيجنا من الزيتون اللي كان مزروع حولينا بحسّن وضعنا و بساعدنا.. خاصة لما جبتك إنت يا نشأت و حملت فيكم إنتو الاثنين عرف إنه راتبه ما راح يعمل له إشي.

أبوكم صحيح كان عسكري و طبعه قاسي و الناس مفكرة إنه العسكري لازم يكون جِلِف ببيته و مع مرته وولاده.. بس أبوكم كان بالعكس، أبوكم أحن بني آدم عرفته بحياتي بعد رحمة أبوي.. و ما كنت أهون عليه ولا يهون عليه زعلي.. باليوم اللي شافني زعلانة من تقسيمة جدكم عمِل اللي ما كان حدا بعمله هديك الأيام.

أبوكم سنتها طوّبلي البيت هاد اللي إنتو قاعدين فيه بالكامل بإسمي.. و خلاني أسجل سطح البيت بإسمه هو لإنه من الأول كان ناوي يعمّر فوقه بس ما كان معه.. ولا حتى بعدين صار معه غير لما باع الأرض اللي كانت حولينا و اللي كانت تسد عنا دراستكم و جامعاتكم.. و فوق هاد كمان عمّر و أعطاكم الشقق تسكنوا فيها.. و ما صفى معه غير إيجار الشقة الرابعة و البيت هاد.

هاد البيت بإسمي.. و ما إله دخل لا من قريب ولا من بعيد بورثتكم.. اللي إلكم من الورثة هو الطابقين اللي فوق و بس.. و أنا إلي حصتة فيهم طبعا.. و يا سيدي هالحصّة ما بدي اياها.. إقسموها على ثلاث و كل واحد فيكم ياخذ ثلثه.

إنت يا بهجت خذه و كمّل فيه شقتك الراقية اللي على مستواك.. و إنت يا رأفت خذه بلكي خلاك تصير تقول الحمدلله و ترضى باللي قسمه ربنا لكل عبد من عباده.. و إنت يا نشأت إعمل اللي بدك اياه.. و إوعك تكون قاعد هون حرج مني.. إنت كمان شغال ببنك محترم و يمكن تكون السُّخنة مش مستواك.. إطلع حبيبي و أسكن وين ما بدك.

كلكم إعملوا اللي بدكم اياه.. بس أنا من هاد البيت مش طالعة غير على القبر.. فهمتوا ولّا لأ.

خلص الكلام على هيك.. و كل واحد سحب حاله من ثم ساكت و طلع على بيته.. نشأت هو اللي كان آخر واحد استنى خوانه تا طلعوا و طلب يضل معي.. حكيتله بديش حدا يضل عندي الليلة.. أتركوني.

قعدت ليلتها بيني و بين حالي و راجعت كل اللي صار.. قعدت أوازن مرة ثانية اللي حكيته و اللي قسمته بينهم.. لقيت حالي بالآخر أم زي باقي الأمهات.. شو ما عملوا ولادي أو كانوا بدهم يعملوا بضلّوا ولادي.. و إذا كان حدا منهم بده يطلع فهو حقه.. ما راح أضلني رابطيتهم فيي طول العمر.. ليلتها حسّيت حالي و لأول مرة من لما توفّى أبو نشأت إني عنجد ترمّلت.. عيطت يومها العياط اللي كان المفروض يكون يوم وفاته.

يالله شو افتقدته.. و يا الله قديش انتبهت هالدنيا شو قصيرة.. لما راجعت حالي و شفت حالي قبل ثلاثين سنة و اللي شفته فيهم؛ ندمت على كل يوم كنت أتضايق أو أزعل فيه.. كنت بدي أطلع أصحي ولادي بنص الليل و أحكيلهم ولكو عيشوا حياتكوا.. إلحقوا انبسطوا.. ينعن أبو الزعل و سنينه.. والله غير تندموا على كل دقيقة نكد أو زعل مرّت بحياتكم.  

و ضليت أبكي لغاية ما أذن الفجر.. قمت و صلّيت و قعدت أقرأ قرءان تا طلع الضو، و لا كان جاييني نوم يومها.. سكّرت المصحف و تمددت على سريري و رجعت أصفن.. حسّيت حالي زي اللي ظلمت نشأت.. هو الوحيد اللي كان عقلاني و ناوي يعمل اللي أنا بدي اياه.. ليش تا أزعل منه؟ ليش أخذته بذنب اخوانه؟

ما صارت الدنيا ضحى إلا تقى بتخبّط عالباب و صحّتني.. فتحتلها و هجمت علي بتعيط و بترجف و حالتها حالة.. ولك شو في؟؟؟ المسكينة كاينة ترن على من الصبح بدها تنزل لعندي و لما شافتني ما رديت على غير عادتي خافت.. دخّلتها و أخذتها عالمطبخ معي تا أعمل فنجانين قهوة و حكتلي إنه نشأت خبّرها بكل إشي.

سألتها عن نشأت و شو ردّة فعله.. حكتلي إنه زعلان على زعلي و عازز عليه إنه كيف طول المدة الماضية كان حريص إني ما يضايقني حدا و بالآخر زعلت من الكل.. فقلت لها بسيطة، اليوم لا تطبخي و بس يروّح نشأت من دوامه بتنزلوا تتغدوا عندي.

عاد بنفس اليوم بهجت كان حاسم أمره و فورا جاب مرة ثانية اللي ثمّن العمارة قبل هيك و بدأ بإجراءات حصر الإرث.. اللي كان مخوفني عليه أكثر إشي هو رأفت.. لا هو عارف، ولا أنا و لا مرته عارفين شو بده.. و لا أنا عارفة هو بعمل هيك منه ولا من مرته.. رحت مرة طلعت عند شروق على شقتها بدي أعرف هم على شو ناويين.

هالبنت بسيطة كثير.. كنت ساعات أحس إنه لدرجة التصنّع.. بس طلع فعلا اللي بقلبها على راس لسانها.. و الفرق بينها و بين حنان إنه اللي بقلبها أبيض و صافي.. يمكن أكثر من ساعة و إحنا نحكي و هي ما في على لسانها غير "أنا أهم إشي عندي إنك ما تزعلي من رأفت.. ماما دايما بتحكي اللي مافيه خير لأهله مافيه خير للناس".

الشغلة الوحيدة اللي فعلا زعلتني من كل اللي صار إنه و لأول مرة من حوالي خمس سنين ولادي ما اجتمعوا جمعتهم اللي تعودوا عليها.. و حسيت انقطاعهم عن هاي العادة راح تكون أول خيط بنقطع بينهم.. و هاد الشي أكيد ما بدي اياه يصير.. و هو اللي خلاني أستعجل أكثر منهم إنهم يخلصوا قصة الورثة بسرعة.

(الحلقة الخامسة و العشرون و الأخيرة)

صار همّي إنه كل واحد منهم يعمل اللي بده اياه شو ما كان و بأسرع وقت.. بهجت بده يطلع خليه يطلع اليوم قبل بكرة بلكي هدي شوي و رجع لعقله اللي سلّمه و باعه لحنان..  و رأفت إذا شاف الفلوس بإيده متأكدة إنه راح يستقر على رأيi و يعرف راسه من رجليه.. و فعلا هاد اللي صار.... تقريبا.

أجى واحد تبع شركة مقاولات و إشترى شقة بهجت و الشقة الرابعة دفعة وحدة و كل واحد أخذ حقه.. نشأت و رأفت ضلوا كل واحد بشقته.. و بهجت أخذ حصته و حصتي من الشقة الرابعة وراح سكن بإسكان المهندسين زي ما كان بده.. و كان عاجبه الوضع زي ما كان مخططله و زيادة.. بس أنا اللي ما كان عاجبني الوضع.

هالمرة مش لإنه طلع و سكن بعيد عني.. لا والله.. بس لإنه زياراته لعندي عالبيت صارت تخف شوي شوي لغاية ما صارت كل يوم جمعة بعد الصلاة.. يقعد نص ساعة و يسحب حاله و يطلع.. و صحبته مع ربحي إبن عمه اللي صار حبيبه أكثر من اخوانه ما عجبتني بالمرة.. وصّلني مرحلة أترجّاه ولك بدي أشوف بنتك عالأقل.. يجيبلي اياها ساعات نص الأسبوع و ساعات يوم الجمعة يحطها عندي قبل الصلاة و ياخذها معه و هو مروّح.

حكيت لنشأت هيك هيك أخوك صاير و أنا مش عاجبني.. رد علي بطريقة ما حبيتها من أخ بحكي عن أخوه.. زي "خليه يطير".. "يعمل اللي بده اياه".. "خليه ورا ربحي تا أشوف كيف بده ينفعه".. قلت لا والله ما بترك الحال على هيك.. لمتى بده يضل "مطرطر" ورا حنان و أختها.. تا يخسر اخوانه؟!!!

قعدت أفكر و أفكر و كالعادة ما طلع معي إشي.. قلت والله ما إلي غير تقى.. هديك جنّيّة و بتجيبها.. قعدت أحكيلها بطريقة (غير مباشرة طبعا) إنه هيك هيك صاروا الاخوان و أنا ما بدي يوصلوا لهيك مرحلة و نفسي يرجعوا زي أول.. أجت اختصرت علي الطريق و حكتلي أنا بحل القصة بس بشرط.. هاي المرة أنا ما بتدخّل بشي.. ولا كإني حكيت لك كلمة.

بصراحة خفت.. شو هالعملة اللي بدها اياني أعملها و بدها هالشرط.. فكرت شوي و حكيتلها خلص ما بدي أعرف.. عاد صارت تتمسخر علي الدبّة و تحكيلي "شو ماما كبرتي كإنك و صار قلبك ضعيف".. و الله بيني و بينكم يمكن فعلا أكون كبرت و ما عاد إلي قلب زي أول.

تركتها و قلت هالمرة بدي أرميها على رب العالمين.. هو اللي بسهّل الصعب و بهون العسير.. أقسم بالله صرت بالسجود بكل صلاة أدعي ربنا يخفف عن أولادي و يصلحهم.. و يختارلهم الأفضل.. و قلت و الله ما أنا عاملة إشي.. تدبير رب العالمين أحسن من تدبيري و تدبير تقى و غيرنا.
**************************

هاي هي قصتي يا سيدنا الحكواتي.. يمكن تكون مستغرب من بعض التفاصيل اللي كانت مخبية عنك.. خصوصا إنه ما كان في خلطة قوية بيننا و بينكم لمّا كنتو ساكنين بالشقة الرابعة.. بس صدّقني و الله إنه عز علي نطلّعكم منها وقت اللي بهجت قرر يقسّم الورثة و يبيع شقته و الشقة اللي كنتو فيها.

اللي بدي أحكيلك اياه إنه كان لازم تعرف القصة كاملة قبل ما ترويها و تنشرها لأي حدا.. البيوت يا حكواتي قصص و أسرار.. و المفروض الناس ما تحكم على الناس.. لإنهم مش شايفين من بعض إلّا الظاهر.

لو كنت بدك تحكي قصتنا لحدا باللي كنت تشوفه منا؛ كان حكيت عن هوشة تقى و حنان اللي صارت ببيت الدرج.. و كان ممكن تحكي عن يوم طلاق عبير من رأفت.. و كان حكيت عن ولادي إنهم بطلوا يفوتوا على بعض.. و يمكن سبّيت علي و على المرحوم زوجي على هيك ترباية.

الناس يا حكواتي مش كاملة.. ولا بعمرها بتصير كاملة.. الناس خلطة عجين مقاديرها شياطين و ملائكة.. الجزء الملائكي منهم هو اللي بخليهم يتحملوا بعض و يلاقوا توليفة يعيشوا على أساسها.. بتزوجوا و بخلفوا و بربّوا و بضحكوا و بشموا هوا و برقصوا.. هاد الجزء هو اللي بخليهم ملائكة على الأرض.

و الجزء الشيطاني هو اللي بخليهم يغلطوا، بس عشان يسامحوا.. و يذنبوا بس عشان يتسامحوا.. خليني أذكرك بحديث النبي عليه الصلاة و السلام: "لو لم تذنبوا لذهب الله بكم، و لجاء بقوم غيركم، يذنبون فيستغفرون الله، فيغفر لهم".

بقصتي أنا و كنايني ما في حدا منا ما غلط.. بما فيهم أنا.. بس بتقدر تحكي عن وحدة فينا إنها ملاك أو شيطان؟ مستحيل.. أنا غلطت بحق تقى مثلا اللي هي أقرب وحدة إلي لما كنت بدي أخطب أختها لرأفت و هي رفضت.. و مرات كثير ظلمتها بحبي الزيادة لإلها دونا عن كنايني الثانيات.. هاد مش عدل و سبب إلها و للكل مشاكل.. بس أنا مش شيطان.. كمان أنا إلي قلب و بغلط.. أنا بالنهاية أم.

بس كمان عبير مثال ثاني.. ما بتقدر تحكي عنها شيطان.. بالأول و بالآخر عبير كانت بنت راسها يابس و عنيدة و عاملة زي الفرس اللي مش مروضة، بس صغيرة.. هي ما أذنبت الذنب كله.. جزء من الحق على رأفت اللي من الأول ما صبر و ما تفاهم معها على طبيعة حياته و حياتها.. رأفت ما عرف كيف يروّضها.. و كان ممكن تتحسن و تصير ست بيت منيحة لإنه أختها ست بيت و معدّلة.. يعني البذرة المنيحة موجودة فيها.

و حنان و تقى و شروق.. كلهم نفس الشي.. بس بالنهاية لما تستوعب إنه هاي العَجينة بين الشيطنة و الملائكة ضرورية عشان تمشي الحياة.. راح تعرف قديش هي الحياة سهلة و مش صعبة بالمرة.. لإنه في رب خلق و عارف كيف يدبر أحسن من كل اللي حوليك.

هات أشوف إحكيلي عن مين بدك تعرف:

رأفت و شروق هياتهم بقطر.. أجى لشروق عقد بمستشفى و دبرت إعارة لرأفت.. و الفلوس و أخيرا صارت تلعب بإيد رأفت.. بس ضل يتعلم قولة الحمدلله.. بعده الله يهديه.
نشأت و تقى فوق بشقتهم.. و اليوم المسا بدي أطلع أنا و تقى نشوف عروس لعاطف إبنها.. رجعنا لأيام زمان و قاعدين ندوّر على عرايس.. و الله السكري ذبحني من قد ما بشرب عصير عند الناس.

و بهجت؟!!! ماشاءالله عليه.. استقر من بعد ما ربحي طلقها لعبير.. باع شقته هذيك و اشترى شقة أخوه رأفت بعد ما سافر و هيو ساكن فوق هو الثاني.. ماشاءالله عليهم مبسوطين و مرتاحين.. حنان مرته مش كثير بتطل.. و ما بتختلط كثير بحدا إلا إذا فيه مناسبة أو عزيمة أو عيد أو حتى برمضان، بتيجي و بتساعد و بتشارك.. بس ما حدا طالب منها إشي أكثر من هيك.. يعني هي شكلها حابة تضل الأمور رسمية و ما حدا عنده مشكلة.

و أنا.. الله يسامحني و يغفرلي..
إن أصبت فمن الله.. و إن أخطأت فمن الشيطان و مني.

طار الطير.. و سمعناكم كل خير..


لا يوجد تعليقات

أضف تعليق

بحث هذه المدونة الإلكترونية